بعد الأزمة المفتوحة التي شهدتها جمعية متقاعدي العسكر بمدينة تاونات والتي تحدث فيها بعض من أبناء المتقاعدين عن «اختلالات» في التدبير، وهم في سن متقدمة تسمح لهم بالحديث إلى الصحافة وإصدار البيانات والتقارير، بادر مجموعة من «إخوانهم» في كل من صفرو وفاس إلى نهج نفس السبيل، مشيرين إلى أن جمعيتهم تعيش «أزمة تنظيمية» و«سوء تسيير»، ودعوا إلى فتح تحقيق في الوضع «الاستثنائي الذي تعانيه جمعيتهم على الصعيد الوطني. وبالرغم من حساسية هذه الاتهامات التي توجهها «القيادة» الوطنية إلى جمعية قدماء المحاربين، فإن رئيسها، لامين الركيبات، رفض، في اتصال ل»المساء» به، إعطاء أي تصريح لوسائل الإعلام، موضحا أنه لم يتوصل بأي تقارير حول هذه الملفات، ولا يمكنه، بالتالي، أن يتحدث عن قضايا لا علم له بها. وقال محمد الغازي، وهو متقاعد عسكري تحول، بعد عمله في الجيش، إلى قطاع المحاماة بفاس، إنه تم الاعتداء على مقر الجمعية في منطقة إموزار وتم انتزاع جزء كبير منه، كما انتزع من متقاعدي البلدة حق التصرف في بعض الحوانيت التي تشكل المورد الأساسي للتسيير، وفوت البعض منها إلى مكتريها. وتحدث الغازي، الذي سبق له أن ساهم في «قيادة» الجمعية جهويا، عن إخطار الرئاسة الوطنية الجمعية. وبقي المشكل عالقا بالرغم من أن الرئيس حل، في رحلات مكوكية كثيرة، بالمنطقة واجتمع مع السلطات المحلية ومع أطر الأملاك المخزنية. ويعيش فرع الجمعية بفاس جمودا تنظيميا منذ 2005، وأرجع المحامي محمد الغازي أسبابه إلى محاولة «اقتحام» بعض الأحزاب السياسية للجمعية وتحويلها عن أهدافها. وشهدت الانتخابات الجماعية الأخيرة بفاس دخول بعض قدامى العسكر من المنتمين إلى مكتب الفرع لغمارها باسم حزب الأصالة والمعاصرة، وتمكن أحدهم من الفوز بصفة مستشار في إحدى مقاطعات مركز المدينة. وقد سبق خوض هذه الانتخابات مشاركة بعض هؤلاء المتحزبين من قدماء المحاربين في تنظيم مسيرات متكررة احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية لهذه الفئة. وانطلقت أغلب هذه الاحتجاجات في أحياء «ظهر المهراز» الصفيحية والتي يقطنها أغلب هؤلاء، وهي نفسها الأحياء التي شهدت ترشح «قدماء عسكر» الأصالة والمعاصرة في ما بعد. في حين اتهم مسؤولي الجمعية بصفرو بالتصرف في ممتلكات الفرع. وحلت لجنة تفتيش جهوية للتحقيق في الاتهامات، دون أن تتخذ الإجراءات المناسبة في ظل طرح تقرير اللجنة لوضع تدبير غير عقلاني لشؤون متقاعدي عسكر هذا الفرع. وتحظى هذه الجمعية، والتي تعتبر متنفسا جمعويا لهذه الفئة والتي تصنف بكونها قريبة من إدارة الجيش ومؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء المحاربين، بصفة المنفعة العامة. ويعود تأسيسها إلى ما يقرب من 40 سنة خلت. وتتوفر على ما يناهز 177 فرعا. ومن المفترض أن تكون ممثلة قاريا ودوليا في هيئات تنسيقية لها نفس الانشغالات. وينص قانونها الأساسي على عقد جمع عام كل سنة، تسبقه مناقشة التقريرين المالي والأدبي، إلا أنها لم تعقد أي جمع عام لها، منذ سنة 2006، وهو التاريخ الذي أسندت فيه الرئاسة إلى لامين الركيبات. ويقول الغاضبون من متقاعدي العسكر إن ملفهم المطلبي يتعرض للإهمال من قبل «قيادييهم» في الجمعية. وقال محمد الغازي إن أعضاء المكتب الوطني قد أصدروا دوريات وزعت على الفروع، في المدة الأخيرة، تطلب منها أن موافاتها بكل مداخليها المالية. وتتوفر جل فروع الجمعية على «كريمات» نقل، إلى جانب دكاكين من المفترض أن تستغل مداخيلها للرقي بعمل الجمعية. لكن هذه «الأملاك» عادة ما تثير نزاعات بين المتقاعدين، وغالبا ما تتحول إلى اتهام القيادات الوطنية أو الجهوية أو المحلية بتهمة سوء التدبير.