يلقب بالأمير الوسيم الذي ورث عن أبيه الشبه في الشكل وطيبوبة الأخلاق، حسب مجايليه. تعددت هواياته ومجالات اهتماماته. تلقى تربيته كأمير، عكس شقيقه الحسن الثاني الذي تلقى تكوينا وتأهيلا من أجل الجلوس على العرش العلوي. اختار السلطان محمد الخامس اسم مولاي عبد الله لابنه تيمنا باسم مولاي عبد الله بن مولاي إسماعيل، أول ملك علوي رسخ النظام الملكي بالمغرب. واعتبر ولادة ابنه الثاني الذكر بعد شقيقه الملك الحسن الثاني فاتحة خير عليه لأنه كان يخوض وقتها كفاحا ضد الظهير البربري، فأطلق على ابنه، الذي رأى النور في ماي 1935، لقب «سيدي العزيز»، واستقبل بمراسيم احتفالية تناسبه كأمير. يقول أحد الذين تربوا إلى جانبه في القصر: «معروف بهدوئه وليونته وطيبوبته، إذ كان محبوبا من لدن الجميع، سواء من قبل أفراد أسرته أو من «المخازنية» أو الخدم أو «الشريفات»، يقول المصدر ذاته. لم يسبق أن تمت مناداته من قبل أفراد أسرته بمولاي عبد الله، بل إن أحد الذين قطنوا معه بالقصر قال له والده محمد الخامس، ناد لي على الأمير مولاي عبد الله، فأجابه «من مولاي عبد الله؟ فاستدرك ليقول له «سيدي العزيز». درس في كتاب القصر في الرباط، وكان يمضي عطلة الصيف والربيع بالقصر في مدينة فاس. كان ينادي شقيقه الحسن الثاني باسم «دي دي»، وهي عبارة، حسب شخص تربى إلى جانبهما في القصر، تدل على احترام مولاي عبد الله لشقيقه الأكبر. بعثه والده السلطان إلى فرنسا ليتفرغ للدراسة هناك فحصل على البكالوريا وبعدها على الإجازة ثم الدكتوراة. ولع بالاستثمار عرف عن الأمير ابتعاده عن السياسة وولعه بالاستثمار في مجال العقار، حيث كان يقتني العديد من الأراضي بمختلف مدن المغرب وهو ما جعله يخلف ثروة كبيرة لورثته، وفق ما أكده مصدر ل«المساء». كان من هواياته كرة القدم، إذ كان رئيسا شرفيا لنادي الفتح الرباطي، كما كان يهوى السباحة والصيد. «كان رحمه الله يعشق صيد الحمام الخلوي، ويجد في ذلك متعة لا تتصور، ودفعته هذه الهواية إلى السفر إلى إفريقيا خاصة الكونغو من أجل ممارستها»، يقول أحد المقربين منه. يفضل ركوب الدراجات النارية، إذ كانت له دراجة من نوع «سوليكس» بلونين «أحمر داكن وأصفر باهت»، ودراجة من نوع «هيدسون». كان يحب الطرب وله أصدقاؤه من الفنانين المغاربة، ومعروف عنه حبه للموسيقى الأندلسية والكلاسيكية، إذ كان يقيم حفلات موسيقية خاصة في قصره يستدعي إليها مطربين مغاربة، حسب أحد الذين عاصروه. علاقة الأمير بالسياسة الذين عاشوا إلى جانب مولاي عبد الله تلك الفترة، لأن مولاي عبد الله في نظره لم يكن يهتم لشؤون السياسة، وكان يعيش حياته كأمير له اهتمامات مختلفة عن شقيقه الملك. غير أن مصادر أخرى أكدت ل«المساء» أن مولاي عبد الله كان يقوم بدور الوسيط بين شقيقه والمعارضة، فكان يبلغه رسائلهم الخاصة باتفاق معه، وأنه كان يتدخل من أجل حل بعض مشاكلهم مع القصر، إضافة إلى التدخل من أجل التخفيف من تعذيب المشاركين في الانقلاب، وفق ما أكده مصدر مطلع. سعى الاستعمار الفرنسي إلى أن يكون الأمير مولاي عبد الله هو ولي العهد لللمك محمد الخامس، ووضعت هذا شرطا من شروط إعادة محمد الخامس من المنفى، وكان هدفهم من ذلك إبعاد الحسن الثاني الذي كانوا يدركون أن تربعه على العرش سيخلق متاعب للاستعمار، خاصة أن الفرنسيين كانوا يبعثون تقارير إلى الإقامة العامة تظهره على أنه «متعاطف مع حركة الاستقلال المناهض في قلبه ووجدانه للحضور الفرنسي»، كما وصفوه ب«الحاقد على فرنسا، الناكر لجميل تربيته وتكوينه في أحضان الثقافة الفرنسية»، حسب ما أكده الدكتور عبد الهادي بوطالب في كتابه «ذكريات، شهادات ووجوه». عين الملك الحسن الثاني أخاه مولاي عبد الله ممثلا شخصيا يوم 19 يونيو من سنة 1972، وقال عنه «لقد اخترته ممثلا شخصيا لما يتوفر عليه من خصال الخبرة الصالحة، والتجربة الواسعة والمعالجة الذكية المتبصرة لكبريات الأمور، ولما أوتيه من جميل التأني وراجع النظر». كان يحضر اجتماعات مجلس الوزراء ويمثل الملك في بعض المؤتمرات والملتقيات نيابة عن أخيه، فمثلا حضر مؤتمر القمة الإفريقي العاشر بأديس أبابا. عاش منعطفات حادة في السياسة الوطنية، إذ لعب دورا في تحرير المغرب، فكان يلتقي مع أعضاء من المقاومة، وكان ينقل إليهم ما كانت عليه الأوضاع حينها. كما طالته أيادي الانقلاب فأصيب بالرصاص إلى جانب زوجته لمياء الصلح، حسب ما أكده أحد المعارضين السابقين. غير أن الأمير سرعان ما ترك مهامه كممثل شخصي ليتفرغ لشؤون أسرته الصغيرة. ألم الفراق «خيم الحزن على الأسرة الملكية بعد عودة الأمير مولاي عبد الله من أمريكا بعد تدهور حالته الصحية. كان الوهن باديا على محياه، إذ كان يعاني من مرض الكبد، ولم يمهله طويلا، فسلم الروح إلى بارئها»، يقول أحد الذين عاينوا تلك اللحظات داخل القصر الملكي ل«المساء». أذاعت الإذاعة وقتها أن مراسيم الدفن ستتم بضريح مولاي الحسن بالمشور السعيد، ليتم الإعلان بعدها أن الدفن سيكون بضريح محمد الخامس، ولم يعرف وقتها هل كان خطأ المذيع أم أن خلافا حصل بين أفراد العائلة حول مكان الدفن، كما أكد صحافي سابق بالإذاعة المغربية. كان يوم دفن الأمير الجميل يوما تاريخيا، من خلاله برزت مشاعر الضعف الإنساني وعدم السيطرة على المشاعر الدفينة، من خلال مشهد انهيار الحسن الثاني المعروف بقوة الشخصية أمام جثمان أخيه يوم 20 دجنبر من سنة 1983، حيث تابع المغاربة مراسيم الدفن بضريح محمد الخامس بحسان. دموع سكبها الحسن الثاني ممزوجة بحرقة أثناء تشييع جنازة أخيه، ارتفعت وتيرتها عندما نطق العلامة الراحل عبد الله كنون كلمة «جنازة رجل»، فشوهد الحسن الثاني وهو يكاد يسقط من شدة ألم فراق شقيقه، ما دفع إمام صلاة الجنازة إلى أن طلب من الحسن الثاني الصبر على المصاب الجلل، لحظة ترسخت في أذهان الذين عاشوا المرحلةّ. «من كان يتصور أن يبكي الحسن الثاني المعروف بشدته وصلابته، بكاء مريرا وهو يتشبث بجثمان أخيه، كان مشهدا لا يطاق، بكى الحسن الثاني فأبكى كل المغاربة»، يقول أحد الذين تربوا إلى جانب مولاي عبد الله أيام الطفولة والشباب. مولاي عبد الله وفقيه الكُتَّاب كان السلطان محمد الخامس يفرض نظاما صارما في تربية أطفاله وتلقينهم شؤون الدين الإسلامي والحفاظ على الصلوات الخمس، إذ لم يكن مقبولا أن يتغيب أحدهم عن أداء صلاة من الصلوات. كما كان شديد الحرص على تحفيظهم القرآن. وللأمير مولاي عبد الله قصة مع فقيه كان يدرس عنده اسمه «بنموسى»، إذ إن عدم استظهاره جيدا جعل الفقيه يأمر بتهييئه لينال حظه من «الفلقة»، فكان قاسيا جدا معه هذه المرة، فلما عاد بنموسى إلى بيته بالمشور طلب من زوجته مساعدته في جمع أمتعتهم والسفر بعيدا لأن السلطان سيعاقبه لا محالة لما سببه من أذى للأمير. وبعد ساعات طرق بابَه الحاجبُ الملكي فخاف الفقيه على مصيره، فما كان من الحاجب إلا أن قدم له هدية هي عبارة عن جلباب وسلهام جزاء على صنيعه مع ابنه، وعلم الصغير بما فعله والده مع الفقي. وبعد أسبوعين لم يقم الأمير بواجب الحفظ، فأمر المربي من جديد بإعداده لينال حظه من الضرب، غير أن مولاي عبد الله قال للفقيه «اضربني ولكن لا تنتظر هدية أخرى لأنني لن أخبر أبي بأنك ضربتني»، حسب ما أكد مصدر ل«المساء».