تتواصل حالة الاستثناء التي تشهدها وكالة المغرب العربي للأنباء منذ تعيين علي بوزردة مديرا عاما قبل حوالي تسعة أشهر، حيث يعيش صحافيو المؤسسة، سواء داخل قاعة التحرير المركزي بالرباط أو بمختلف مكاتب المؤسسة الجهوية والدولية، أجواء وصفتها مصادر من داخل الوكالة بأنها «رعب حقيقي»، بفعل توالي القرارات التعسفية التي تطال الصحافيين، من تنقيلات إجبارية وإجراءات عقابية غير مسبوقة. وقال مصدر من الوكالة ل«المساء» إنه بينما كان يعتقد بعض الصحافيين أن الأمر يتعلق بسحابة صيف عابرة، فإن بوزردة، وبتحالف مع مدير الإعلام الطيب دكار ورئيس التحرير المركزي جمال محافظ، اللذين يواجهان معارضة عارمة من لدن الجسم الصحافي، جعل من هذه القرارات الأحادية نمطا تدبيريا، وهو الذي حمل شعار تحديث المؤسسة وتأهيلها وتثمين مواردها البشرية. واستشهد المصدر بجملة من القرارات الأخيرة التي تمثلت في معاقبة رئيس مصلحة عن خطأ مهني وقع خلال استفادته من عطلة قصيرة عادية، عبر إعفائه من المسؤولية ونزع الصفة الصحافية عنه وإحالته على الطاقم الإداري، أمام دهشة الجميع، وكذا تعيين الصحافي نزار الفراوي، الذي يعمل بالقسم الثقافي للوكالة، في المكتب الجهوي لفاس، حيث توصل بقرار التعيين المفاجئ أثناء تمضيته لعطلته الإدارية السنوية، دون أن يسبق له التعبير عن رغبة في الموضوع أو يُستطلَع رأيه بهذا الشأن. وأشار المصدر إلى أن الصحافي المذكور باشر فورا مسطرة تحريك دعوى ضد هذا القرار الذي يعتبره انتقاما من نشاطه النقابي، علما أنه يعقب سلسلة قرارات مماثلة شملت الصحافيين عزيز المسيح الذي تم نقله إلى فكيك، في مكتب لا يعلم أحد جدواه المهنية، وعمر الطيبي الذي عين في مكتب دولي (طرابلس) لم يكن ضمن قائمة الاختيارات المعبر عنها في طلب الترشيح، بل شملت هذه القرارات الممثل المنتخب للصحافيين، حميد كرضة، الذي عين في مكتب الوكالة بالقنيطرة ضدا على إرادته. وتبقى حالة الصحافي عزيز المسيح مثيرة، حيث إنه بعد التدخلات التي قامت بها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التزم علي بوزردة علنا أمام وفد عن النقابة، وبحضور محامي وكالة المغرب العربي للأنباء، بأن يوفد الصحافي المذكور في مهمة محددة الزمن، تنتهي بتغطية الانتخابات الجماعية في منطقة بوعرفة، فأين نحن – يتساءل المصدر- من هذا الالتزام، بعد مرور أزيد من ثلاثة أشهر على انصرام الموعد؟ وذكر المصدر أنه تم تنصيب المحامي خالد السفياني للقيام بإجراءات الدعوى ضد إدارة الوكالة على خلفية انتهاك الحق النقابي للصحافيين نزار الفراوي وعزيز المسيح، وهو ما ينذر بتحطيم رقم قياسي في عدد الدعاوى التي سيواجهها بوزردة، علما أنه يواجه دعوى سابقة رفعها حسن إيدا، المدير السابق لمكتب «لاماب» في مدريد. كل ذلك في ظل صمت غريب للنقابة الوطنية للصحافة المغربية التي لم تصدر منذ تعيين الإدارة الجديدة ولو بلاغا واحدا في شأن ما يجري. وأشار المصدر إلى أن بلاغا يتيما كان يفترض أن يصدر الأسبوع الماضي بعد الاتفاق على صيغته النهائية، قبل أن يُجمَّد في آخر لحظة من طرف رئيس النقابة يونس مجاهد، بضغط من رئيس التحرير المركزي ب«لاماب» جمال محافظ، الذي يعد في نفس الوقت عضوا في المكتب التنفيذي للنقابة، في غريبة من غرائب الزمن النقابي الحالي. وكان أعضاء المكتب النقابي للوكالة قد رفعوا مذكرة إلى المكتب التنفيذي للنقابة يطالبون فيها بتجميد الصفة النقابية لجمال محافظ، بالنظر إلى حالة التنافي بين المسؤوليتين النقابية والمهنية. وتتهم المذكرة جمال محافظ بالتواطؤ مع الإدارة لعرقلة النشاط النقابي في الوكالة والمساومة بموقعه كعضو في المكتب التنفيذي لتحقيق مآربه المهنية. ومما جاء في المذكرة أن جمال محافظ «تحالف مع مدير الإعلام الحالي لتكريس قيم الولاءات الشخصية والزبونية، على صعيد العلاقات المهنية وتوزيع المسؤوليات والمهام والدورات التكوينية وغيرها، ضاربا عرض الحائط بمبادئ المساواة والإنصاف التي تشكل محور نضال النقابي الحقيقي». كما آخذت عليه «تقديم خدمات للجهاز الإداري في سياق صفقة تتمثل في ضبط الحركة المطلبية داخل المؤسسة وتوفير الإطار النقابي الشكلي الذي يمكن إدارة المؤسسة من التبجح بشعار الشراكة مع النقابة، مقابل تمكينه من صعود سلم الارتقاء المهني».