تواجه مجموعة العشرين للدول الغنية والنامية وقد خرجت لتوها من عرض مظفر لوحدة الصف، شهورا من إبرام الصفقات والتواصل مع الأسواق ستكون بمنزلة اختبار لمصداقيتها كمنتدى التعاون الاقتصادي الرئيسي في العالم. لقد أعلن قادة دول مجموعة العشرين يوم الجمعة الماضي «نجاح» استجابتهم للازمة المالية العالمية. وقالوا في البيان الختامي للقمة «استجابتنا القوية ساعدت على وقف التراجع الخطير والحاد في النشاط (الاقتصادي) العالمي وتحقيق استقرار الأسواق المالية.» ووصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما القمة بالناجحة لالتزامها بنمو اقتصادي عالمي «متوازن ومستدام» .وأشار بشكل خاص إلى اتفاق لإلغاء دعم الوقود الأحفوري على نحو تدريجي. وقال يوم السبت المنصرم في خطابه الأسبوعي عبر الإذاعة والأنترنت «أنا فخور بأن دول مجموعة العشرين اتفقت على الإلغاء التدريجي لما قيمته 300 مليار دولار من دعم الوقود الافحوري. سيعزز هذا أمن الطاقة لدينا ويقلل من الإنبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ويحارب خطر تغير المناخ ويساعد على خلق فرص العمل والصناعات الجديدة للمستقبل.» واتفق الزعماء على أن تحل اجتماعاتهم محل مؤتمرات مجموعة السبع للدول الغنية باعتبارها المنتدى الرئيسي لصناعة السياسات العالمية وتعهدوا بإعطاء قوى صاعدة مثل الصين دورا أكبر في إعادة بناء وتوجيه الاقتصاد العالمي. وبينما كانت دول مجموعة السبع محقة في قبولها الارتخاء الحتمي لقبضتها على الاقتصاد العالمي نتيجة النمو الصناعي السريع للدول الفقيرة، يقول المحللون إن حجم وتنوع المجموعة سيعقد على الأرجح تنسيق السياسات. وقال سايمون جونسون كبير الاقتصاديين السابق لدى صندوق النقد الدولي «يوجد طهاة كثيرون في المطبخ ... أفضل الانتظار لحين إعلان النصر .. عليهم أن يثبتوا جدارتهم.» وتواجه المجموعة في ثوبها الجديد تحديات في مختلف الميادين من جمود محادثات تغير المناخ إلى الشكوك في أسواق المال العالمية. وستبقى دول مجموعة العشرين في دائرة الضوء خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي في أسطنبول الشهر القادم واجتماع لوزراء مالية المجموعة تستضيفه اسكتلندا في نوفمبر ومحادثات الأممالمتحدة بشأن تغير المناخ في دجنبر. ومن المستبعد أن تتفاعل الأسواق مع الدعم الذي حصلت عليه في بيتسبرج مبادرة تقودها الولاياتالمتحدة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي عن طريق الحد من الفوائض الضخمة لدى مصدرين كبار مثل الصين والعجز الضخم لدى مستوردين كبار مثل الولاياتالمتحدة. وقال كريستوفر لو كبير الاقتصاديين لدى إف.تي.إن فايننشال في نيويورك «أي مؤشر على وحدة الصف سيحرك الدولار .. لكن الاختلاف في الرأي سيسود وهو ما سيؤدي إلى عدم تفاعل السوق.» واتفق قادة مجموعة العشرين على العمل معا لتقييم مدى انسجام السياسات المحلية، وما إذا كانت «متسقة على نحو جماعي مع نمو أكثر قابلية للاستمرار وأكثر توازنا.» وبحسب البيان الختامي تعهدت الدول التي تحقق فوائض مستدامة وكبيرة - وهو وصف يلائم الصين - بتعزيز مصادر النمو المحلية. وعلى نفس المنوال تعهدت الدول التي تعاني من مستويات عجز كبيرة - مثل الولاياتالمتحدة - بدعم المدخرات الخاصة. واتفق الزعماء على تحويل بعض حقوق التصويت في صندوق النقد الدولي من الدول الغنية إلى دول ممثلة بشكل غير كاف مثل الصين، وذلك في علامة جديدة على تسارع تغير ميزان النفوذ الاقتصادي بفعل الأزمة المالية.كما تعهدوا باستمرار الدعم الاقتصادي الطارئ لحين التأكد من قابلية التعافي للاستمرار، وهي مسألة شديدة الحساسية بالنسبة لأسواق المال العالمية. ورغم مظاهر التضامن كانت هناك بعض أوجه الاختلاف. فقد خاب أمل كثير من الأوروبيين لعدم التوصل إلى اتفاق يذكر بشأن سبل تمويل محاربة تغير المناخ، لاسيما مع اقتراب موعد انعقاد قمة المناخ التي تستضيفها كوبنهاجن في دجنبر. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في بيان «لا أخفي قلقي بشأن بطء وتيرة التقدم ... وقت التحلي بالجدية هو الآن وليس لاحقا.» واتفق القادة على أن يكون من حق الشركات استرداد المكافآت في حالات معينة. ويهدف الأجراء إلى ضمان عدم حصول المصرفيين على أجور ضخمة عن مراهنات عالية المخاطر قد تتسبب في خسائر لاحقا. وقال لو من اف.تي.ان فايننشال «انهم ينجزون شتى الأمور الصغيرة مثل الخطوط الإرشادية لأجور كبار مسؤولي البنوك..وعلى صعيد الأمور المهمة حقا مثل رفع سقف رؤوس أموال البنوك والحد من انبعاثات الكربون، فان المواقف لاتزال متباعدة».