«إنها ليست الفكاهة التي نستحق». هي الكلمات الأكثر تعبيرا، على مستوى التعليقات، التي لخصت رأي جيل بأكمله، في المستوى الرديء والمنحط الذي ظهرت به الإنتاجات الفكاهية والدرامية المحلية، التي برمجت خلال شهر رمضان، على قناتي «عين السبع» و«البريهي»، والتي لم يجد أصحابها غضاضة في التسابق من أجل المرور في وقت الذروة. وهي- الكلمات المذكورة سلفا – وإن دلت على شيء، فإنما تدل على أن الفنان» المغربي، مع استثناءات طبعا، لم يطور من أدواته الفنية، عبر الدراسة والبحث والاحتكاك بممارسي الفن والدراما، في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية التي تقام هنا وهناك، خاصة وأننا نعيش زمن المنافسة الفضائية بامتياز، فوجود العديد من القنوات الأرضية والفضائية، العربية منها والدولية، أصبح يحتم على الفنان المغربي أن يطور أسلوبه الفني، ليجد له مكانا ضمن الوجوه الفنية، الحاضرة بقوة الإبداع والخلق، وليس بالولاءات والعلاقات الشخصية، وإلا سوف يجد نفسه خارج التاريخ الفني الذي لا يرحم «الكسالى» من المبدعين في المجال الدرامي. فالوصلات الإشهارية، وحدها، لا تكفي لجلب المشاهدين الذين ضاقوا ذرعا، بالتفاهة والرداءة التي ترافق، في فترات عديدة، الإنتاجات الدرامية المحلية، مع إطلالة كل شهر رمضان، لأن المطلوب، في زمن «العولمة الفنية»، هو الكثير من الإبداع والتجديد وقليل من الإشهار، بحيث لا يمكن أن تخلق جمهورا واسعا من عشاق الدراما الوطنية بالكذب على الذقون والضحك على المشاهدين بتصريحات صحافية، مدفوعة الثمن، تخفي أكثر مما تقول. فجيل «الفايس بوك» و«التويتر» من الصعب إقناعه بإبداع فني مهزوز من أساسه، يمارسه الكثيرون ممن لا مهنة لهم، والدخلاء على القطاع الفني. فجيل «النت»، لا يجد نفسه إلا في إبداعات تطلبت من أصحابها الكثير من الجهد الفني والتجديد وليس في تفاهات «فنانين» كل همهم توزيع «كعكة» رمضان وبأي ثمن. والتاريخ الفني المغربي، الذي يجلد بيد ممارسيه، لن يرحم كل هؤلاء الذين وجدوا في الفن تلك «البقرة الحلوب» التي تسد رمقهم لزمن، لكن الذاكرة الفنية لا ترحم، فهي سترمي بهم في أول فرصة متاحة، في سلة النسيان واللامبالاة، لأن المشاهد المغربي لن تعلق بذاكرته إلا الإضاءات والإشراقات الفنية الحقيقية، التي سعى من خلالها أصحابها إلى خدمة الفن ولا شيء غير الفن، وليس إلى ملء أرصدتهم البنكية.