في ظرف أسبوع شهد المشهد الكروي حادثتين مؤلمتين كادتا أن تمسح فريقين لكرة القدم من خريطة المنافسات الرياضية. تعرض لاعبو فريق شباب قصبة تادلة لحادثة سير في الطريق الرابطة بين القصبة وخنيفرة على مشارف قرية تيغسالين، حين صدمت شاحنة سيارة خصوصية كانت تقل على متنها بعض عناصر الفريق، الذي كان يتوجه صوب مكناس لملاقاة شباب أطلس خنيفرة برسم دوري الدرجة الثانية للنخبة، وظل المصابون ينتظرون وهم ممدين في يوم ممطر على جنبات الطريق سيارة إسعاف تحيلهم على مستشفى خنيفرة. وكاد فريق اتحاد سيدي قاسم أن يصبح في عداد المفقودين بعد أن التهمت النيران حافلة الفريق وهي في طريقها إلى سيدي قاسم بعد إجراء مباراة ودية في تطوان. صحيح أن الحادثتين قدر ومكتوب، والمكتوب على الجبين لابد أن تراه العين على حد تعبير المثل المصري، لكن الواقعتين تشتركان في معاداة الاحتراف لأنهما تقدمان صورة ناطقة لمشهد كروي «برا عليه من الاحتراف». تطوع شباب مدينة تادلة وأغلبهم من المهاجرين في أوربا، ووضعوا سياراتهم رهن إشارة الفريق في رحلته إلى مكناس، لأن المجلس البلدي رفض الترخيص للحافلة بنقل الفريق، بحكم صراعات سياسية بغيضة، جعلت فريقا ينتمي تجاوزا لنخبة الكرة يعيش على الكفاف والعفاف ويسافر بالتقسيط غير المريح. من غير المستبعد أن يتطوع شباب القصبة لأداء ساندويتشات اللاعبين نيابة عن المسيرين، وقد لا نستغرب إذا لجأ المكتب المسير إلى النقل السري لاستكمال برنامج الدوري، مادامت السياسة تصر على محاصرة الرياضة في عقر دارها. التهمت النيران حافلة اتحاد سيدي قاسم وكادت لولا الألطاف أن تعلن حدادا طويلا في مدينة البترول، التي انطفأت شعلتها منذ مدة، كانت الحافلة المهترئة تعاني من السعال الديكي وهي تقطع المسافة الرابطة بين تطوانوسيدي قاسم، فجأة تفحم كل شيء باستثناء اللاعبين والطاقم التقني والإداري. عانت العديد من الفرق من ويلات التنقل، واضطر العديد منهم إلى السفر عبر حافلات النقل العمومي في تعايش جميل مع المسافرين، بل إن بعض الفرق تفضل السفر ليلا عبر القطارات من أجل ترشيد النفقات وتفادي مصاريف المبيت في الفنادق. في العام الماضي عانت العديد من الفرق من ويلات النقل، وكاد فريق النادي القنيطري ومولودية وجدة وجمعية سلا أن يهزموا بالقلم بعد أن توقفت محركات حافلات كتب عليها «نقل إلى جميع الجهات»، إلا صوب جهة الملاعب طبعا، حافلات يتحول فيها «كريسون» إلى رئيس وفد غصبا عن الجميع. الكثير من الفرق تعول على المجالس المنتخبة لاقتناء حافلات، وبعض فرق الدرجات السفلى لا تمانع من السفر في سيارات النقل المدرسي وعلى ظهرها التسجيل مفتوح، والمقصود التسجيل في الهواية طبعا، أو في سيارات نقل سيارات الإسعاف ونقل الموتى وعليها عبارة كل نفس ذائقة الموت، فكيف تذوق هذه الفرق طعم الانتصار في رحلات جنائزية وفي أحسن الحال مدرسية يردد فيها اللاعبون أنشودة مدرستي حلوة. سكت دفتر التحملات عن قضية النقل، ولم يلزم الأندية بشراء حافلات بمواصفات متعارف عليها، ليتدبر كل فريق أمره بوسائله الخاصة، مادامت الجامعة تؤمن بمقولة «سماهم على حافلاتهم».