يبدو أن «إسرائيل» حسمت أمرها في ما يخص موقف الأنظمة العربية منها، المتسمة بالمهادنة وحَنْيَان الرَّاس والاستسلام إلى درجة أنها تفكر هذه الأيام وبطلب مُلِح من واشنطن في تقديم «هدايا» لحكومة نتنياهو بدعوى تشجيعها على «السلام»، وستكون هذه الهدايا في شكل مكاتب تجارية ومكاتب اتصال صهيونية (وشحال هذي قلنا راه كاين اللي غلقُو المَكَاتب وبْقَى الاتِّصَال) ستُفْتَح في دول ما يسمى ب»دول الاعتدال العربي». والمذهل أن تسليم الهدايا لمجرم الحرب «نتنياهو» سيتم في ظرف فلسطيني حرج، بعد أن قرر رئيس حكومة العدوان التسريع من وتيرة بناء المستوطنات في الضفة الغربية إمعانا في خطة «تهويد» القدس الشريف وتنفيذا لمؤامرة بلقنة «الدول الفلسطينية» في حال قيامها، إذ ستكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تملك امتدادا ترابيا، حيث ستفصل مستوطنة إسرائيلية بين قريتين فلسطينيتين، وهو عبث ما بعده عبث. فحتى إذا ما افترضنا قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، فإن المواطن الفلسطيني سيكون مضطرا إلى المرور من عدة حواجز ونقط تفتيشية إسرائيلية كلما هم بالتوجه إلى عمله أو إيصال أطفاله إلى المدارس. وعلى ذكر التدريس، منعت إسرائيل المدارس العربية في فلسطين من الإشارة من قريب أو بعيد إلى حقبة «النكبة» ومآسي الفلسطينيين بعد عام 1948. وها هي اليوم تسعى إلى منع التلفزات العربية التي تنتمي إلى دول ذات سيادة، ربما على الورق فقط، من بت مسلسلات وأعمال درامية يرد فيها اسم إسرائيل أو تحكي المؤامرات المدبرة من أجهزة «الموساد» و»الشين بيت» والمذابح التي اقترفها جيش «التساحال» الصهيوني الذي يدعي أنه «جيش دفاع» فيما هو جيش احتلال وإبادة وخراب. وكانت إسرائيل قد نصحت دول «الاعتدال العربي» بعدم تركيز المنظومة التعليمية والمقررات الدراسية العربية على النصوص التي تتحدث عن مكر الصهاينة، وخيانة إسرائيل للعهود والمواثيق، وألا يتكلموا عن الاحتلال والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني. لذا، ليس بالأمر المدهش أن تطالب الصحيفة الصهيونية «يديعوت أحرونوت» ضمنيا «عرب الاعتدال» بمنع مسلسلات تلفزية رمضانية بدعوى أنها «تهدف إلى غسل أدمغة الشعوب العربية وحثها على كراهية الإسرائيليين». وقد تناست الصحيفة العبرية أن إسرائيل ومنظماتها ولوبياتها الصهيونية وظفت الصناعة السينمائية الأمريكية المطبوخة بدهاء كبير في استوديوهات هوليوود من أجل تشويه صورة العرب والمسلمين لدى الرأي العام العالمي، وتقديمهم كأشخاص يولدون وبين فكيهم سكين، وكأنهم جبلوا على القتل والجريمة. ولم تفرق إسرائيل في هولْيُوودها آنذاك وإلى اليوم بين العرب على أنهم صنفان: معتدلون و«متطرفون»، فقديما قال جنرال إسرائيلي: «إن العربي الطّيِّب هو العربي الميت»، وذلك في إطار خطة صهيونية لحشد الأموال كان شعارها: «إدفع دولاراً تقتلْ عَربِيًّا»!