من الأسباب التي تجعل أمر مناقشة الإنتاجات الرمضانية بشيء من المسؤولية والحزم والانضباط أمرا ملحا وملزما وصول أصداء حدة أثر هذه السخافات إلى خارج حدود المغرب، وهو ما يعني أن هؤلاء المعذبين- لسخرية الأقدار- مسؤولون عن صورتنا التي نصدرها للخارج. هذا الواقع يجد تجليه في عدة أحداث تلفزيونية، فقد شن الفنان الساخر أحمد السنوسي الممنوع من مدرا التفلزيون هجوما عنيفا على التلفزيون المغربي في الحصاد المغاربي لمساء الأربعاء الماضي على قناة «الجزيرة» الذي خصص لتداعيات البرمجة الرمضانية، بعدما اعتبره أداة في يد السلطة. وبعدما ذكر باستمرار منعه من التلفزيون لعقدين من الزمن، اعتبر أن السلطة تمارس سرقة موصوفة من خلال تمويل الشعب للتلفزيون عبر اقتطاعات فاتورة الكهرباء، في الوقت الذي يجتهد هذا التلفزيون لنشر الظلام ونشر الرأي السلطوي. وأضاف أن السلطة لا يهمها الرأي العام، لأنها تمول الإهانة، في الوقت الذي نجلد فيه أنفسنا من خلال تمويل التلفزيون، «إذن فالمسألة حقوقية، هناك وزراء مقصيون من التلفزيون، هذه ذروة السلطوية». وما دامت التلفزة في يد السلطة، فلن نتقدم، أما الحديث عن جودة الأعمال أو عدم جودتها في شهر رمضان، فهذا تمويه عن القضية الأساسية»، يقول أحمد السنوسي. من جانبه، أكد الناقد مصطفى المسناوي أن إشكالية التلفزيون المغربي مرتبطة بكونه أصبح رهينا بقرارات المستشهرين الذي يحددون، في بعض الأحيان، هويات المشاركين في الأعمال ويتدخلون في البرمجة. وفي السياق، أستحضر حكاية صلاح الدين بنموسى الذي قال في تصريح ل«المساء» قبل يومين: «لقد شاءت الظروف أن ألتقي مع جزائريين قبل مدة، وبمجرد ما رأوني، بدأ الحديث عن ذكريات الماضي، الزوجة قالت إن الجزائريين يحبون المغاربة ويعشقون أعمالهم، في وقت عانقني الزوج، وبدأ يبكي على زمن المسرح المغربي، وتردي الإبداع الرمضاني ويبكي عن الحدود التي تفصل بين الشعبين، بينما أكدت الزوجة حب الجزائريين للفن المغربي». وفي ارتباط بصورة التلفزيون والفن المغربي، يحكي فنان مقرب من لاعب رجاوي مقيم في أمريكا أنه من كثرة خوفه على أبنائه من الأفكار والسلوكات التي صارت مميزة للأعمال التلفزيونية، بدأ يفرض عليهم عدم متابعة قنواتنا «الوطنية»، لاسيما في شهر رمضان. واعتبر مواطن (س. غ) «أن خطورة ما يقدمه فهيد، الخياري، الناصري، سعد الله وأسد... تكمن في أنهم يحقروننا أمام المصريين والسوريين ويصوروننا أغبياء في تلقينا وقبولنا لهذا الجهل المعرفي والتلفزيوني». هذه الحالة التلفزيونية وهذا القلق الموازي لها، مرتبطان بعدة معطيات أولها أن هذه الأسماء صارت- للأسف- رديفة لمستوى الكوميديا المغربية، وثاني المعطيات تتجلى في أن غياب الشروط الإبداعية في النصوص المقدمة تعكس- بشكل لا يمثل الواقع الأدبي- غياب روائيين أو كتاب قصة قادرين على الكتابة المنضبطة، مما يفسح المجال لمن هو مستعد ومتلهف لأن يملأ- دون سند أو تكوين أو تجربة أو مسؤولية أدبية- هذا الفراغ، وثالث المعطيات أن التلفزيون، من خلال هذه الآفات التي ابتلينا بها، يمنح للمتلقي كل المؤشرات على غياب أية وظيفة للقنوات الوطنية، مما يطرح السؤال بشكل جدي ومسؤول حول الوظيفية الحقيقة التي يؤديها مدراء تلفزيوناتنا.