أثار تنظيم الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، الجمعة الماضي، يوما دراسيا حول الإنتاج التلفزيوني بالمغرب نقاشا «نقابيا» و«فنيا» يتساءل عن سر هذه البادرة وتوقيتها والمكاسب المتوخاة منها وسط جدل كبير عن الصيغة الحالية التي يتم التعامل بها مع الإنتاج الدرامي المغربي بصفة خاصة. ففجأة، قرر الائتلاف المغربي للثقافة والفنون تخصيص يوم كامل لمناقشة العديد من المحاور التلفزيونية الأساسية، وهم النقاش إشكالية الإبداع في الدراما التلفزيونية، وقضايا الإنتاج الدرامي والعلاقة بين البث والبرمجة ومحاور أخرى. مقربون من الائتلاف يتشبثون بفكرة أن اليوم الدراسي كان مبرمجا وفق «استراتيجية» قبلية للائتلاف تنشد الدخول على خط الأزمة التي يعيشها الإنتاج التلفزيوني المغربي. مطلعون على كواليس الإنتاج التلفزيوني المغربي اعتبروا أن تنظيم هذا اليوم الدراسي لا يمكن عزله عن سياق «إنتاجي طارئ» برزت بعض مؤشراته مع تعيين توفيق بوشعرة مديرا للإنتاجات الدرامية في القناة الأولى وتسمية زهير الزريوي مديرا لمديرية البرامج المعنية بالإنتاج في القناة الثانية، بالتزامن مع صرف الدولة لدعم العقد البرنامج بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والحكومة، وهذا ما توازيه حمى إنتاجية تجد تمظهرها في اللقاءات والندوات والكواليس الموازية. وما يعزز فكرة اللاصدفة في اليوم الدراسي للإئتلاف حسب البعض- هو دخول وزارة الاتصال كداعم لهذا اليوم، بالتزامن مع دفاع وزير الاتصال في قبة البرلمان عن الإنتاجات الدرامية، بشكل يقفز على كل الانتقادات التي وجهت لقيمة هذه الأعمال على المستوى التقني و«الإبداعي»، وهو ما يعني أن هناك توجها ولو بشكل غير معلن لتبني الصيغة التي «تنتج» بها الأعمال التلفزيونية. وبعيدا عن «ملابسات» تنظيم هذا اليوم الدراسي المخصص افتراضا للإنتاج التلفزيوني المغربي، يجد المهتم بواقع السمعي البصري الوطني نفسه أمام تجربة سابقة مع وزارة الاتصال التي دعت قبل ثلاث سنوات إلى ندوة حول تأسيس صندوق دعم المجال السمعي البصري. وروج مسؤولونا حينها دون تحفظ خطابات عن الارتقاء بالتلفزيون المغربي ومساعدة المنتجين وتحقيق فرص الاشتغال بالنسبة إلى الممثلين والتقنيين، قبل أن يتبخر الحلم ويتوقف هذا الصندوق الذي استفاد منه منتج وحيد حصل على مليارات دون أن يجد المتلقي لمشاريعه «الصناعية» والمهتم والمواطن البسيط الذي تقتطع منه بشكل لا إرادي ضرائب أي أثر لهذا في التلفزيون أو السينما. ويتوجس متتبعون ل«ظروف» تنظيم اليوم الدراسي للإنتاج الدرامي من أن تلقى «توصياته» الهامة المآل ذاته الذي لقيه اليوم الدراسي أو«المدروس» حول صندوق دعم المجال السمعي البصري الذي دخل النفق المظلم دون أن يعرف إلى حد الساعة حقيقة وجوده أو مساهمته في الدعم المفترض، ويتحول اليوم الدراسي المخصص للإنتاج التلفزيوني إلى لقاء تكون «الكواليس» الإنتاجية التلفزيونية أكثر أهمية من التوصيات التي قد تجد طريقها إلى النسيان والتناسي إذا لم تكن هناك إرادة فعلية لمقاربة الإنتاج التلفزيوني، وإذا لم تكن هناك آليات قادرة على إخراج الإنتاج المغربي من شبح لجن القراءة ومرور الإنتاجات بشكل فوقي وعبث المنتجين بملايير المغاربة وإنتاج أعمال بمئات الملايين دون أن تبث، وبقاء المسؤولين عن الإنتاج والبث خارج المحاسبة.