مضت أكثر من 70 يوما على الانتخابات الجماعية ل12 يونيو الماضي، دون أن يتوصل حوالي 200 شيخ ومقدم بعمالة مولاي يعقوب بتعويضات تتعلق ب«مجهوداتهم» في تسجيل الناخبين وفي مدهم ببطائق التصويت ومراقبة الحملات الانتخابية والتجمعات ومكاتب التصويت. وبالرغم من لجوء هؤلاء «المستضعفين» إلى بعض من سموهم ب»حكماء» العمالة لطرح وضعيتهم على مسؤوليها، فإن مبلغ التعويض المحدد في 600 درهم بالنسبة إلى الشيوخ و500 درهم بالنسبة إلى المقدمين لا يزال «حبيس» صندوق العمالة. ويتحدث أحد هؤلاء الأعوان عن محنة حقيقية تعيشها هذه الفئة بالإقليم. فقد جمدت دراجات نارية في مستودع العمالة بعدما قررت وزارة الداخلية وضعها رهن إشارتهم لقطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى ساكنة تجمعات فلاحية متباعدة عليهم أن ينجزوا عنها تقاريرهم الاستخباراتية وأن يراقبوا تحركاتهم وأن يمدوهم بجل الوثائق الوافدة عليهم من مختلف المؤسسات. وإلى جانب هذه الدراجات النارية، جمدت هواتف نقالة خاصة وضعت رهن إشارتهم تمكنهم من التواصل بالمجان مع أي رجل سلطة يحمل نفس النوع من الهاتف النقال. ويضطر جل شيوخ ومقدمي عمالة مولاي يعقوب إلى إجراء اتصالات لرفع تقاريرهم الشفوية المستعجلة من مالهم الخاص. ويفرض على هؤلاء الشيوخ والمقدمين، إلى جانب العمل «الاستخباراتي»، التنقل إلى الدواوير والتجمعات السكانية التي توجد في نفوذهم الترابي لمدهم بجميع أنواع البريد دون أي تعويض من لدن بريد المغرب، ويوزعون جميع إرساليات المحاكم بما فيها الاستدعاءات والأحكام القضائية دون أي تعويض من وزارة العدل، ويجرون البحوث حول أي متقدم للحصول على شهادة إدارية، ويفرض عليهم الحضور في المساجد مع المصلين لتتبع خطب الجمعة وكل ما له ارتباط بالاهتمامات الدينية للمواطنين، ويتتبعون القدرة الشرائية للمواطنين وأسعار المواد الغذائية ويرصدون ردود أفعال الساكنة إبان أي حركة سياسية أو دينية أو وطنية، وذلك إلى جانب تتبع تنفيذ مدونة وزارة الداخلية الخاصة بالبناء العشوائي والتبليغ غن المخالفات. ويتقاضى الشيخ القروي «تعويضا» شهريا محددا في 1350 درهما، في حين يتقاضى «زميله» المقدم القروي الذي يعمل تحت إمرته «تعويضا» محددا في 810 دراهم. ويصرف هذا التعويض عبر الحوالة أو يعطى مباشرة ونقدا من صندوق العمالة، ولا تتوفر هذه الفئة على إمكانية ضخ هذا «التعويض» في حسابه البنكي. ولا تقترب هذه «التعويضات» من الحد الأدنى للأجور الذي عادة ما تطالب الحكومة أرباب العمل في القطاع الخاص بتطبيقه في صرف الأجور للمستخدمين. ولا تعترف وزارة الداخلية بهذه الاستفادة المالية الشهرية كأجور، وإنما تصنف ضمن «التعويضات»، وذلك بسبب عدم إدراج هذه الفئة ضمن موظفيها الرسميين. ويمكن للمسؤولين في العمالات والأقاليم الاستغناء عن خدماتهم دون الرجوع إلى قانون الوظيفة العمومية.