على مدار السنوات القليلة الماضية، كتبت مجموعة مقالات في شأن الأعمال الرمضانية التي تقدمها القناتان، الأولى والثانية. ومن كثرة النقد، الذي ذهب أدراج الرياح، من دون أن يغير من واقع الأمر شيئا، وحتى ألخص «مصيبتنا» مع كل تلك «الجرائم الفنية» التي تقترف في حقنا، من طرف نفس الوجوه، التي ظلت تتناوب علينا، كل عام، لم أجد إلا أن أتذكر بيتا شعريا قديما، يقول فيه صاحبه : كناطحِ صخرةً يوماً ليُوهِنَها / فلم يُضِرها وأوهى قرنَهُ الوَعِلُ في سنة 2007، مثلا، كتبت، تحت عنوان «صلاة التراويح والفضائيات أنقذت المراكشيين من فكاهة رمضان»، أنه «مع الأيام الأولى من الشهر الكريم، اقتنع المغاربة بأن فكاهة رمضان ستكون متواضعة، حالها حال السنوات الماضية ... ولعل أطرف ما صاحب المستوى المتواضع للفكاهة المغربية أن النقاد لم يكن أمامهم سوى العودة إلى آرائهم ومقالاتهم السابقة، مغيرين اسم العمل الفني السابق باسم العمل الفني اللاحق، ومستبدلين اسم «نجم»، أو أسماء «نجوم» رمضان السابق، باسم «نجم» أو أسماء «نجوم» رمضان اللاحق، مع إضافة بعض الشدّة في النقد». وفي سنة 2008، كتبت، في نفس هذا الركن من الصفحة، عمودا، تحت عنوان «الضحك النّايض»، ما يلي: «كانت الفكاهة المغربية الرمضانية قد انطلقت، بضعف واضح، وهو ضعف لم يمنع من أن تصير موعداً سنوياً، رغم تبرم الكثيرين وحديثهم عن أنها فكاهة تحتاج إلى فكاهة تتفكّه عليها، الشيء الذي ولد اقتناعاً بأن توالي سنوات القحط الفني، يعني أحد شيئين: إما الرغبة في تعذيب المُشاهد المغلوب على أمره، أو شغله بشتم هذه الأعمال، بدل التفكير في شتم أشياء أخرى. ولأن بعض فكاهيينا دأبوا على اقتراف كثير من «الحوادث» الفنية، فربما سنكون في حاجة، مستقبلاً، إلى «مدونة فكاهة» تحاكي «مدونة السير»، في قوانينها وتشدُّدها، حتى نستطيع الحد من «حرب الفكاهة»، التي تنَغِّصُ علينا إفطارنا وتدفعنا إلى الهجرة الفضائية». ويبدو أننا سنعيش سنوات أخرى، مع نفس الوجوه، كما لو أنها عقوبة مؤبدة صدرت في حقنا، من دون أن يكون لنا حق الاستئناف والنقض. وإلى موجات النقد والاحتجاج، الصادرة عن النقاد والمهتمين بمجال الفن والتلفزيون، أضاف الفايس بوك، هذه السنة، لبنة جديدة في مسلسل نقد القناتين المغربيتين، من خلال إطلاق حملة احتجاج واسعة، على شكل عريضة، يتهم فيها أصحابها المسؤولين باحتقار المشاهدين، ويطالبون ب«وقف مهزلة الأعمال الرمضانية» و«الكف عن استخلاص المزيد من الأموال من فواتير الكهرباء لصالح التلفزة». هذا الصباح، وجدت أننا لسنا أحسن حالا من بعض جيراننا، على مستوى المشاهدة الفنية، فهذا محام مصري تقدم بدعوى قضائية أمام محكمة مصرية، يطالب فيها بوقف عرض سبعة مسلسلات، بدعوى مخالفتها الشرع وتقديم مشاهد ساخنة، كما طالب، في دعوى أخرى، بمنع ظهور المخرجة إيناس الدغيدي على التلفزيون المصري، لأنها «من مبطلات الصيام»، على حد قوله. أما في تونس، فقد تناقلت بعض المواقع الإلكترونية خبر إقالة مدير قناة 7 من مهامه، بسبب «الضعف الكبير الذي اتسمت به شبكة برامج هذه القناة في شهر رمضان»، كما أصدر المسؤولون قراراً بتوقيف مجموعة من البرامج التي «أثارت استياء الجمهور بسبب ضعفها». يحدث هذا في مصر وتونس، أما في المغرب فقد اختار خطيب مسجد حي إسيل بمدينة مراكش أن يتحدث، في خطبة أول جمعة من شهر رمضان، عن آداب الصيام، قبل أن يشن هجوماً على غالبية القنوات والفضائيات العربية، وبينها «الأولى» و«الثانية»، طبعا، متسائلا، في صيغة الاستنكار، لماذا لا تصوم هذه القنوات والفضائيات في رمضان؟! رجاؤنا أن نصاب بعدوى مصرية أو تونسية، فنرفع دعاوى أو نقيل مسؤولين أو نوقف برامج ضعيفة... وذلك أضعف الإيمان.