تفعيل «دفتر التحملات» الذي رسمه الملك في خطابي العرش وثورة الملك والشعب يعد، حسب مراقبين، أهم ما سيميز الدخول السياسي الجديد، وهو إقرار جاء على لسان خالد الناصري، في ندوة صحافية تلت اجتماع مجلس الحكومة ليوم الأربعاء الماضي. محمد السادس وضع إذن التوجهات العامة للدولة على المستوى المؤسساتي بدعوته لفتح ورش الجهوية الموسعة في أفق تفعيل مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة لحل نزاع الصحراء، إضافة إلى أن العاهل وضع تصوره بخصوص ورش إصلاح القضاء في خطابه التاريخي ليوم 20 غشت. الملكية تكشف عبر خطابين موجهين للأمة، اعتبرهما البعض الأهم على طول عشر سنوات العهد الجديد، تصورا جديدا لطريقة فتح أوراش الإصلاح المؤسساتي لا تشبه تلك التي تحملها أحزاب الحركة الوطنية، التي تعتمد على أسلوب كلاسيكي يرتبط فيه فتح ورش الإصلاح عبر باب التعديل الدستوري فقط. هل لازالت مذكرة الاتحاد الاشتراكي للإصلاحات الدستورية ذات معنى؟، لا، يجيب قيادي اتحادي لأن الملك رسم حدود الإصلاح الذي يريده في الوقت الحالي لتحديث الدولة وهو ما سيؤدي إلى استنفار الجميع لبلوغه، ومضامين الخطابين الملكيين تتجاوز ما جاء في مذكرة الاتحاد، المُطالبة بإصلاحات دستورية. حزب الأصالة والمعاصرة، مرة أخرى، سيكون تحت الأضواء خلال الدخول السياسي الجديد. فالانتخابات الجماعية كرست تفوق ظاهرة حزب صديق الملك، فؤاد عالي الهمة، الذي تنتظره «معركة» الظفر برئاسة مجلس المستشارين، التي ستجرى بداية أكتوبر المقبل، لتأكيد قوته على الساحة السياسية. في المقابل، ستدخل الأحزاب اليسارية، ممثلة في الاتحاد الاشتراكي، على إيقاع التراجع الذي تجرعته خلال اقتراع 12 يونيو الماضي، بيد أنه ينتظر أن يبحث الاتحاد عن موقع جديد داخل الخريطة السياسية المغربية. التعديل الحكومي الجزئي أثبت أن الأصوات الداعية، من داخل الاتحاد، إلى تقارب مع حزب العدالة والتنمية تبقى ممثلة في أشخاص فقط وليس لها صدى واسع داخل باقي مكونات الحزب، كما هو الشأن بالنسبة للداعين إلى الخروج من الحكومة والعودة إلى المعارضة. في نفس السياق، يتوقع أن يطول أمد حياة حكومة عباس الفاسي، التي توصف ب«الهجينة»، إلى غاية الانتخابات التشريعية لسنة 2012، في الوقت الذي استبعد فيه مراقبون إمكانية إجراء تعديل حكومي واسع بعد شهر أكتوبر المقبل، مؤكدين أنه سيتم الاكتفاء بالتغيير الجزئي الذي ضمن أغلبية حكومية ستمكن صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، من تمرير مشروع قانون المالية للسنة المقبلة بارتياح. وزراء حكومة عباس الفاسي تنتظرهم، بعد دخولهم من العطلة، ملفات عالقة موضوعة على مكاتبهم، أهمها كيفية مواجهة الأزمة المالية العالمية، في ظل تراجع عائدات مغاربة الخارج وانخفاض مداخيل القطاع السياحي اللذين قد يؤثران على موجودات المغرب من العملة الصعبة ومعدل النمو، وهي كلها أسئلة تبحث عن أجوبة في مشروع قانون المالية الذي سيتقدم به مزوار أمام النواب خلال الدخول البرلماني المقبل.