«أخوتنا يا الإسلام هزو بنا العلام زيدو بينا القدام، إلا خيابت دابا تزيان تزيان أو دابا مول الحق يبان» هي كلمات أغنية شعبية شهيرة تتردد في كل الاحتفالات العائلية، وأحيانا يتم التغني بها في أجواء خاصة، على إيقاع رقصات «الشيخات» وتمايل البعض في لحظة انتشاء ودوخان في بعض الأحيان، إلا أن قليلين فقط من يعرفون أن الأغنية التي كتبها ولحنها بوشعيب البيضاوي رأت النور في أوج الحضور الاستعماري الفرنسي في المغرب. عن هذه الأغنية، يقول خالد البوعزاوي، الذي سبق أن سجلها بصوته، في تصريح ل«المساء»: «أغنية «أخوتنا يا الإسلام» تؤرخ لمقاومة المغاربة للمستعمر الفرنسي، وتستحضر لحظات من عودة الملك محمد الخامس من المنفى. فقد صورت هذه الأغنية بشكل تفصيلي أسماء المقاومين وبطولاتهم وأسماء بعض الخونة الذين كانوا يتواطؤون مع المستعمر. وهذا القول يتأكد بشكل قوي في معاني أبيات هذه الأغنية التي تؤرخ لمقاومة كل حي من أحياء الدارالبيضاء بشكل تفصيلي للمحتل، ولاسيما حينما نسمع بوشعيب البيضاوي يقول فيها: «ولاد المدينة القديمة صحاب الدقة المتينة وبالبياعا تعملت روينا، في الخاينين تشفينا ولاد داريو عبد الله وماريو قطعو الطوبيس والكاو وعلى البياعا تيداورو ولاد كارتيي كوبا حتا هوما قامو بالنوبة مع الخميرة والغاز يقليو الجميرة أولاد شارع بوطويل ما يتباعو باللويز يضاربو على العزيز حتى وصلو لباريز التاريخ يحكي ويجيب ماطرا في المغرب على الملك الحبيب... أولاد الطليان نقاونا من العديان مقدم ما تيبان» يضيف خالد البوعزاوي: «لو تمعنت في الكلمات فستجد أنها تحيل على شرعية الملك ومقاومة الاحتلال الفرنسي وتدعو إلى القضاء على الخونة في المدينة القديمة البيضاء التي كان يقطن ويشتغل فيها بوشعيب البيضاوي. إنها كلمات واضحة لا لبس فيها، تصور المقاومة في وجه المستعمر، وقد صاغها البيضاوي بأسلوب جميل وأبدع فيها من حيث الغناء». وعن علاقته بهذه الأغنية، يقول خالد البوعزاوي: «هي أغنية طويلة جدا، حاولت أن أجمع كل ما توفرت عليه منها، وقد كتبت جزءا كبيرا منها، ومازلت أحاول أن أدون الباقي. فهي طويلة كما قلت بحيث تتجاوز كلماتها عشر صفحات كاملة تصور المقاومة في المغرب والدارالبيضاء. وبعد سنوات من البحث، سجلتُ الأغنية سنة 1994، واستعنتُ في ذلك بما حفظه محفوظ، أخ البيضاوي. وأغتنم، هنا، الفرصة لأقول إن فيلا بوشعيب البيضاوي كانت تمثل تحفة كان الأجدر أن يتم الحفاظ عليها، إذ شهدت العديد من الأحداث الفنية والسياسية. وأتذكر بحسرة أن اللحظة (1965) التي بيعت فيها الفيلا كنت صغيرا ولم أكن أتوفر على الإمكانيات لشرائها، فبيعت الفيلا، لأنها كانت في موقع جميل. في الحقيقة، ذلك البيت يمثل ذاكرة للأغنية الشعبية الأصيلة». وحول مسار بوشعيب البيضاوي، أضاف خالد البوعزاوي: «الراحل يعد مدرسة في الفن، فقد اشتغل رفقة الحبيب وأحمد القدميري والبشير لعلج والمفضل لحريزي والباعزيزي في العديد من الأعمال المسرحية التي قدمت في المسرح والتلفزيون. وكان بوشعيب البيضاوي يجسد دور المرأة في أعماله الفنية، لأنه لم يكن مقبولا أن تمثل المرأة في تلك الفترة بالنظر إلى تقاليد وعادات المجتمع المغربي آنذاك. في العمل المسرحي، أبدع البيضاوي في العديد من الأدوار التي يحفظها المغاربة، فكلما ذكر اسم بوشعيب البيضاوي إلا وتذكر الجميع الدور النسائي الذي أبدع في أدائه. من جهة أخرى، يعد البيضاوي رائدا من رواد الأغنية الشعبية، إذ أخذ الابن، أصول العيطة المرساوية عن كبار شيوخ هذا اللون الإيقاعي، وحاول أن يجدد هذا الفن الطربي دون أن يترك مجالا للخطأ في المتون، وهذا هو سر تألق هذا الفن الاستثنائي، هو البيضاوي الفنان الذي ترك في ربيرتوار الأغنية الشعبية أجمل الأغاني ومن بينها: «خربوشة»، «ركوب الخيل»، «الحداويات»، «ولي بغا حبيبو»، «الكافرة غدرتيني»، «ما شفتو غزالي»،...