عرف حزب الاتحاد الاشتراكي بروز تيارين لكل منهما مرجعيته التي ينطلق منها، فمنذ سنتين كان الحديث عن تيار «الاشتراكيون الجدد» الذي تزعمه حسن طارق، عضو المكتب السياسي للحزب، والذي كان يهدف إلى الانفتاح على التوجهات اليسارية والدفاع عن العلمانية، ليظهر تيار جديد يحمل اسم «تيار المستقبل» في صفوف الشبيبة الاتحادية، يدافع عن الدين الإسلامي وقيمه، يتبنى «فكر» شيخ الإسلام محمد بلعربي العلوي و«تحرر ونضالية» المهدي بنبركة.. هذا التيار، الذي أعد أرضية توجيهية ينتظر مناقشتها خلال ندوة تنظيمية يعلن عن تنظيمها الكاتب الأول للحزب عبد الواحد الراضي، يعتبر أن نداء «يحيا اليسار» هو «نداء أجوف ينفر منه الأتباع ويهجره الأنصار»، حسب ما أكده أحد متزعمي تيار المستقبل عبد المجيد مومر، عضو المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية، ل«المساء». ويفسر مومر هذا الوصف بأن «كل نداء هدفه العلمانية بالمغرب هو شرارة فتنة نائمة لعن الله من أيقظها وهي تستهدف زعزعة أهم ركائز الاستقرار بوطننا، ألا وهي تعاقد البيعة الذي يربط بين الملكية والشعب المغربي»، حسب مومر، الذي وصف النداء بالنعقات العلمانية التي تزامنت مع تخليد المغاربة ذكرى تحمل رمزية تاريخية وطنية ذكرى ثورة الملك والشعب، كما تزامن أيضا مع الحرب الضروس التي يقودها علمانيو فرنسا ضد الحريات الدينية وخصوصا الإسلام . تيار المستقبل يقول إنه «لن يسمح بتحويل فكر الاتحاد الاشتراكي لخدمة مشاريع البعثات الأجنبية» ويعتبر أن هناك محاولات مسخ حقيقية لتراث وإرث الزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد يقودها دعاة الاستيلاب الثقافي، ليؤكد أن جذور الاتحاد الاشتراكي غير علمانية و«لعل مساهمة شيخ الإسلام بلعربي العلوي في التأسيس خير دليل على ذلك، ولعل وثائق الحزب أكبر برهان على ذلك»، يقول عضو المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية. وأضاف مومر قائلا «إرث عبد الرحيم بوعبيد ليس ملكا لأحد، خاصة للذي لا يستطيع تقديم النموذج المغربي، وطننا لا يحتمل الشرخ الهوياتي، كما أن المعركة الحقيقية هي تحقيق العدالة الاجتماعية الحقة، فالإصلاح الذي ننشده هو إصلاح في اتجاه الحياة، يقصد به تحري الحق والعدل ودفع الضرر وجلب المنفعة من أجل التنمية المتضامنة وليس محاربة الدين الإسلامي». وتيار المستقبل، الذي يعتبر نفسه تيارا «فكريا» ينطلق من «الرغبة الصادقة لجيل الوعي الاتحادي الجديد في المصالحة مع الذات ومع الآخر»، يؤكد، حسب أرضيته التوجيهية، أنه سيمضي في «نضاله المستميت من أجل أن يستمر الإسلام العقل الثابت الضامن لوحدة واستقرار الدولة بشرط أن يتجسد العقل المتحول في مغرب لكل ثقافاته». ومن الأهداف التي جاء ليحققها إحياء الفكر لأنه يرى أنه لا يمكن أن يظل «العقل الاتحادي جامدا متجمدا في حدود عقل السبعينيات». ويرى أن منطلق التصحيح يتجسد في المطالبة بدستور جديد عبر إلغاء دستور 1996 الذي اعتبره «دشن لتجربة التناوب التوافقي المستهلكة».