سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سائق يقتل آخر ب«زرواطة» بعد خلاف حول الأسبقية وصاحب «كات كات» يتقاتل مع آخر أمام أنظار زوجتيهما شرطي مرور قال: إن نصف المغاربة يحب أن تسحب منهم رخصة السياقة لأن طريقة سياقتهم تتحول إلى أداة لإزعاج الغير
لم يكن رواد أحد المقاهي وسط الرباط يتصورون أن يتطور الخلاف حول حق الأسبقية بين سائق سيارة رباعية الدفع يلبس بذلة من ماركة عالمية، كان برفقة زوجته وأطفاله، وسائق آخر كان مرفوقا أيضا بزوجته، إلى عراك عنيف فالاثنان تبادلا سيلا من الكلمات النابية بعد أن نزلا من سيارتيهما ليقترب بعد لحظات رجل أمن لم يجد حلا آخر سوى ترديد جملة «الله ينعل الشيطان» التي ذكرها مرات عديدة وهو يحاول فك الاشتباك بين الغريمين قبل أن ينسحب ويتركهما غارقين في سيل من اللكمات. السياقة مجال حقيقي لاكتشاف الطريقة التي يتعامل بها المغاربة مع بعضهم، فعلى الطريق تكتشف وجود حرب، أسلحتها ألفاظ نابية وخادشة للحياء تصل أحيانا إلى الطعن في العرض والشرف، وكثيرا ما تتحول إلى مطاردات على الطريقة الهوليودية وأحيانا جرائم قتل حيث لا يزال سكان مدينة سلا يحتفظون بتفاصيل الجريمة المأساوية التي ارتكبها سائق في لحظة غضب، بعد خلاف بسيط مع سائق آخر، تلاه شجار خارج السيارة قام بعده الجاني بإخراج «زرواطة» كبيرة هوى بها بكل قوة على رأس الضحية الذي نزفت منه الدماء مثل نافورة صغيرة، قبل أن يلفظ أنفاسه أمام أنظار العشرات من المواطنين. أصابع الاتهام توجه دائما إلى سائقي سيارات الأجرة وحافلات النقل، وهؤلاء ردهم أو مرافعتهم في مواجهة هذا الاتهام جاهزة، وتنبني على اتهام آخر للمواطن بجهل طبيعة المهمة التي يقومون بها. يقول سائق سيارة أجرة «نحن نعيش من السياقة، ولسنا مثل من يقود سيارته الخاصة، فحين يلوح لك زبون بيده فعليك أن تتوقف، وهو الأمر الذي لا يروق للبعض الذي يسارع إلى الكلاكسون والسب بنعوت قدحية»، قبل أن يضيف «لقد اكتسبت مناعة بعد اشتغالي بهذه المهنة لمدة 10سنوات رفعت بعدها شعار «لي معجبو حال يضرب راسو معا الحيط». بعض المواطنين يعتبرون أن امتلاكهم لسيارة يجعلهم أسياد الطريق ولا يجوز لأحد أن يعارضهم في ذلك، بل يضعون عدة خطوط حمراء ينبغي للآخرين احترامها منها عدم السياقة ببطء، ثم الانطلاق بسرعة بمجرد اشتعال الإشارة الخضراء كما يحدث في سباقات السرعة. في مقابل هؤلاء هناك من لا يبالي بالجميع، ويحلو له أن يتصرف كما يشاء في الطريق، ومادامت شرطة المرور غائبة في كثير من المحاور فستفاجأ في بعض الحالات بسيارتين تتجاوزانك، الأولى على اليمين والثانية على اليسار، أو سائق حافلة يجبرك على الخروج عن الخط المتصل حتى لا يسحق سيارتك، أو من يتوقف لتبادل التحية مع سائق آخر ومباركة العيد، وسؤاله عن أحوال الأسرة بأكملها فردا فردا، غير مبال بالطابور الطويل الذي ينتظر انتهاءه من صلة الرحم على الطريق. عنصر من شرطة المرور قال: «نصف المغاربة يجب أن تسحب منهم رخصة السياقة لأنها فعلا تتحول إلى رخصة لايذاء الغير من خلال سلوكات رعناء تجعل معظم المواطنين يسوقون وهم يضعون في ذهنم إمكانية وقوع حادث في أية لحظة أو التورط في شجار بسبب سلوك مستفز». البعض من الذين يسوقون سيارات مهترئة تباعدت عجلاتها ولم تعد تقوى على حمل الهيكل الذي احتله الصدأ، يقودون تحت شعار «ماعاندي ما نخسر»، وبطريقة فيها تحد كبير ورغبة في إيذاء ممتلكات الغير، هؤلاء ينصح بإعطائهم -حسب سائق محترف -مسافة كبيرة، ومنحهم الأسبقية وعدم التورط في أية ملاسنة تفاديا لحادث عمدي بين سيارة تساوي قيمتها الملايين ولو كانت عن طريق السلف، وأخرى عبارة عن خردة هاربة من «لافيراي». ساعات الذروة التي تتزامن مع خروج الموظفين تتحول إلى جحيم على الطرق، فالأعصاب تتوتر كثيرا، وأصوات المنبهات ترتفع لتصم الآذان، والجميع يرغب في الوصول بسرعة لتكون النتيجة في كثير من الأحيان مواجهات كلامية، ومدا للأيادي في إشارات بذيئة أمام أنظار شرطة المرور التي يحجم أفرادها عن التدخل لأن الأمر يصبح في كثير من الأحيان من اختصاص الشرطة القضائية. سائق اعتبر أن ما يحدث شيء عادي لأن الطرق الموجودة ضيقة وتتزاحم فيها الحافلات والسيارات والدراجات والعربات المجرورة والراجلون وعلق على الأمر بالقول «هادي راها سوق، والسوق راك عارف كي كايكون». فؤاد فارس، مهاجر مغربي مقيم بأمريكا، أقسم أنه يرغب فعلا في تصوير الطريقة التي يتعامل بها المغاربة مع بعضهم في الطرق من أجل بثها على موقع «يوتوب»، قبل أن يضيف « أجد الأمر مضحكا للغاية، ومثيرا للأعصاب في نفس الوقت». من مظاهر العنف ممارسة الاستعلاء من طرف موظفي الدولة على المواطنين داخل الإدارات مظهر آخر من مظاهر العدوانية يمارسه هذه المرة، حسب بنزاكور، الباحث في علم الاجتماع، موظفو الدولة على المواطنين، فالمغربي يعامل حين يرغب في قضاء أغراض إدارية أو الاستفادة من خدمة معينة كما لو كان يطلب الصدقة، حيث يتعين عليه تقبل التعالي المبالغ فيه من طرف الموظفين، وفي بعض الأحيان يتحمل السب والشتم وإذا لم يعجبه الحال فعليه الانصراف. أحد الموظفين العاملين بإدارة عمومية لم يجد تفسيرا للظاهرة، ليقول إن الأمر مرتبط بسلوك يكتسبه بشكل تدريجي كل من يعمل مع الدولة( المخزن)، وأحيانا تنتقل العدوى إلى القطاع الخاص، ليضيف «لقد تعودنا على أن نعامل بعضنا بهذا الشكل، وأنا بدوري تعرضت لهذا الموقف في مناسبات كثيرة». كما أن عدوانية المخزن تتمثل بشكل واضح في التدخلات العنيفة التي تقوم بها القوات العمومية خلال بعض الحركات الاحتجاجية السلمية، كما يحدث بشكل شبه يومي وسط العاصمة في حق المعطلين أو عند حدوث احتجاج من قبل السكان على عدم تلبية مطالب بسيطة ومشروعة، كما وقع بسيدي إفني والخنيشات. نصف المغاربة يعانون من أمراض نفسية يقدر عدد المغاربة المصابين بانفصام الشخصية بنحو 300 ألف شخص. وحسب الدراسة التي أعدتها وزارة الصحة في وقت سابق فإن 48 في المائة من المغاربة مصابون بأمراض نفسية، يأتي على قائمتها الاكتئاب بنسبة 28 في المائة، أي ما يعادل أن 10 ملايين مغربي، مرضى فيما تعاني نسبة 6.3 في المائة من الرهاب الاجتماعي، و6.6 من الوسواس القهري، و5.6 من الأمراض الذهانية و9 في المائة من الخوف الداخلي العام.