أمضى تياران يتنازعان الشرعية لتدبير نادي الصيادلة بفاس ليلة الثلاثاء/الأربعاء في أجواء اتسمت ب«تبادل الرعب» وسط هذا النادي. ولجأ كل من الطرفين إلى الاستعانة برجال الأمن الخاص، دون أن تسفر هذه «التعزيزات الأمنية» عن مواجهات مباشرة بين المكتب القديم والمكتب الجديد. وظلت العناصر الأمنية «المكتراة» تنتظر الإشارة من الطرفين لبدء «المعركة»، لكن تدخل السلطات الإدارية المحلية والشرطة القضائية حال دون إعطاء الانطلاقة لهؤلاء الحراس لحسم المعركة بالنيابة. واستمع رجال الشرطة القضائية إلى مسؤولي المكتبين، وطلب من الطرفين «توخي الحذر» في انتظار حسم السلطة القضائية لهذا النزاع «التاريخي» بين المكتبين. وكان هذا النزاع قد فتر في الآونة الأخيرة وتكلف المكتب الجديد بتدبير شؤون نادي الصيادلة، بموجب وصل إيداع مؤقت تسلمه بعدما عقد جمعا عاما «انقلابيا» على المكتب القديم في الهواء الطلق بساحة مقاطعة مركز مدينة فاس، إلا أن السلطات الإدارية، وبعد مضي شهرين من إيداع ملف المكتب الجديد لديها، اتخذت قرارا، بداية الأسبوع الماضي، يقضي ب«سحب» الشرعية منه، بسبب ما أسمته عدم توفر الشروط في هذا الملف. واستغل المكتب القديم القرار وأحاله على المحكمة وحصل على قرار يسمح له باستئناف عمله. ولم يتأخر في تنفيذ عملية اقتحام مضادة، مشابهة للعملية التي قام بها المكتب الجديد بمجرد حصوله على إشارة اعتبرها إيجابية من لدن السلطات. وتحدث عبد المجيد بونوة، وهو مسؤول نقابة الصيادلة، عما أسماه «تواطؤ» الكاتب العام لولاية جهة فاس بولمان، أحمد صالح، مع المكتب القديم لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق، مستغلا غياب والي الجهة محمد غرابي، الذي يوجد في عطلة، مضيفا بأن هذا «التواطؤ» يعود إلى ما أسماها «امتيازات» كان الكاتب العام للولاية يحظى بها، رفقة مسؤولين محليين آخرين، في عهد المكتب القديم. في حين اعتبر محمد سعيد مزور، رئيس المكتب القديم، بأن الجمع العام الذي عقد في الهواء الطلق لم يكن مرخصا وبأن تسليم السلط لم يتم بين الطرفين وبأن عملية الاقتحام في السابق لم تكن قانونية. وقال إن هذه الاعتبارات كانت وراء قرار السلطات سحب الوصل من المكتب الجديد. وتذهب كل المؤشرات إلى أن النزاع بين الطرفين حول النادي سيستمر طويلا. وقد أشار النقابي عبد المجيد بنوة إلى أن المكتب الجديد تمكن من الحصول على عدة وثائق تؤكد وجود اختلالات مالية في ميزانية النادي، موردا بأن المكتب الجديد سيطالب، في القادم من الأيام، بإجراء خبرة قضائية في حسابات النادي، كما سيعمد إلى الطعن في قرار إعادة «الشرعية» للمكتب القديم من قبل السلطات الإدارية. فيما حاول محمد سعيد مزور، بلغة ديبلوماسية، أن يقلل من حجم الأزمة عندما أورد بأن الوقت قد حان للطرفين أن يجلسا لإيجاد الحلول اللازمة للمشاكل المطروحة. وفي الوقت الذي أبدى فيه عدد من الصيادلة تبرمهم من هذه المعارك التي وصفوها ب«التافهة»، تشير المعطيات إلى أن «النزاع» حول نادي الصيادلة الذي أسس سنة 1995، وأعطيت الانطلاقة له سنة 1998، ليس إلا الشجرة التي تخفي الغابة في صراع تتداخل فيه المصالح بالسياسة بين تيارين يجتاحان قطاع الصيادلة بالجهة، وهو صراع يدفع بين الفينة والأخرى السلطات إلى التدخل، خلف الستار، لصنع الخريطة التي تراها مناسبة في قطاع يعرف تنامي الإسلاميين فيه، وخصوصا منهم أنصار الشيخ عبد السلام ياسين، زعيم جماعة العدل والإحسان.