ثمة من يحْرك إلى المغرب مبغاة للشمس والماء والخضرة، كما هو حال العديد من المتقاعدين الفرنسيين الذين ينكمشون على أنفسهم داخل رياضات إيكزوتيكية، يشغلون خادمات وخدما بصولدي ونصف. فتبعا لإحصائيات رسمية تعود إلى عام 2008 قامت بها سفارة فرنسا، يبلغ عدد الجالية الفرنسية المقيمة بالمغرب أربعين ألف نسمة، وهي أهم جالية قبل الجالية الإسبانية. وتتمركز أساسا في مدينة الدر البيضاء (16783 شخصا)، الرباط (7899 شخصا)، 5087 في مراكش، 2782 في أكادير، 2478 بفاس و1789 بطنجة. تشمل هذه الإحصائيات الأشخاص الذين سجلوا أنفسهم بالقرب من المصالح القنصلية، مع العلم بأن فرنسيين يعيشون في وضعية الما- بين ولفترات قصيرة لم يشملهم هذا الإحصاء. ويعتبر المغرب بالنسبة إلى هؤلاء النازحين والنازحات «إلدورادو»، جنة عدن لا تضاهى.. يستفيدون من تخفيصات جبائية بمعدل 40 في المائة. وتنحدر هذه المجموعات من باريس ونواحيها ومن شرق وشمال فرنسا. وفي حالة ما إذا تعاطى البعض منهم أنشطة اجتماعية، فغالبا ما يؤسسون جمعيات للرفق بالحيوانات. وفي مراكش، تنشط بعض الميسورات من النساء في هذا المجال للقيام بعمليات تلقيح، تنظيف، وتطبيب لمشاش، لكلاب ولحمير! عينة أخرى تتحرك في الاتجاه المعاكس تتشكل من أشخاص ضرباتهم «لميزيرية» في أوربا فعادوا للبحث عن العمل في البلاد. العينة الثالثة تتألف من أشخاص بملفات قضائية وجنائية دسمة. بعد أن ولدت هذه الفئة الأخيرة وعاشت في أوربا «عيشة الدبانة في لبطانة»، أرادت أن تقفز بقدرة قادر إلى المال السهل، وذلك بالتعاطي للسرقة والترافيك والتبييض، وذلك بغاية الاغتناء السهل. وبما أن المال يجذب المال، فإن الطيش يدفع بها أحيانا إلى حد السطو على الأبناك والمتاجر الكبرى والمجوهرات. وبكلمة، تتحول إلى خلية مافيوزية عتيدة. وهذا ما حدث لعصابة مدينة بريج في بلجيكا التي تذكرنا مغامرتها الأخيرة بإنجازات أبطال بعض المسلسلات التلفزيونية. تتألف العصابة من ثلاثة أشخاص: أشرف السكاكي، محمد جوهر وعبد الحق ملوك الخياري. نجح هؤلاء بفضل مساعدة سيسلي ديكريس، بلجيكية وصديقة محمد جوهر، في الفرار من سجن بريج في الثالث والعشرين من يوليوز الماضي على متن طائرة هيليكوبتر. وفيما اعتقل عبد الحق ملوك الخياري في مدينة بروكسيل، نجح رفاقه في الدخول إلى المغرب. لكن الشرطة المغربية ألقت القبض على محمد جوهر فيما لا زالت تلاحق السكاكي. وقد تسبب، وهو على متن سيارة في نواحي الحسيمة، في حادثة سير، حيث ترك السيارة واختفى في أحراش الريف. وليس من المستبعد، كما تشير إلى ذلك السلطات والصحافة البلجيكية، أن يكون متورطا في اغتيال سيسلي ديكريس التي اختفت نهائيا. وفي حالة القبض على السكاكي، فإنه سيحاكم بمعية محمد جوهر في المغرب وسيحالان على أحد السجون المغربية من فئة خمسة نجوم! «ما حمدتوش الله آدراري». كانت فكرة هؤلاء الجناة، الذين سطوا على مجوهرات بمدينة أنفيرس البلجيكية، هي العودة إلى المغرب للانغماس في السرية، أي التحول إلى قطاع طرق في شمال المغرب. وليست حالة هذا الثلاثي للأسف باليتيمة. فيما تطالب بلجيكا بتسلم فردي العصابة الإثنين، يعتبر بعض المسؤولين الأوربيين أن كل المهاجرين غير الشرعيين هم من أصل مغربي، وعليه يجب طردهم في اتجاه المغرب. وهذا ما حدث لزينغ، واسمها الكامل لين رو زينغ، التي سلمتها مصلحة بلدية البوليس بمدينة ليل بشمال فرنسا إشعارا بالطرد في اتجاه المغرب، بحجة أنها مغربية، هذا مع العلم بأنها من أصل صيني وتعيش بفرنسا منذ 16 عاما، ولا تعرف أين يوجد المغرب. وبما أننا بلد الكرم والسخاء، فما على وزير الهجرة الفرنسي، إيريك بيسون، ابن مراكش، سوى أن يقترح على مهاجري رومانيا السريين، وهم كثر، لحريك إلى مدينة الرماني، وعلى صينيي شنغاي الالتحاق بأولاد شنكيط! «واللي ما كفاتو فيلة نزيدوه فيل!».