إخلاء عائلتين فلسطينيتين من منزليهما في حي الشيخ جراح في شرقي القدس لإدخال عائلتين يهوديتين مكانهما، يثير كما كان متوقعا شجبا حاد اللهجة. وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، دعت الحكومة إلى الامتناع عن مثل هذه الأعمال، التي وصفتها «بالاستفزازية»، وبخرقها الوضع الراهن في القدس. السويد، الرئيس الدوري للاتحاد الأوربي، أعلن بأن الإخلاء ليس دستوريا، ومبعوث الأممالمتحدة إلى الشرق الأوسط روبرت سري، قضى بأن الخطوة تشكل خرقا لميثاق جنيف ولتعهدات إسرائيل في إطار خريطة الطريق. مشاهد الطرد للعائلتين الفلسطينيتين اللتين سكنتا في منزليهما لعشرات السنين، تقدم إسرائيل كمن تقيم نظام احتلال وحشي، يمس بالضعفاء ويقرر حقائق سياسية في مدينة موضع خلاف، تحت غطاء «سلطة القانون». ولكن، مع كل أهمية الانتقاد الدولي، فهو ليس السبب الذي من أجله يعتبر إخلاء العائلتين أمرا مرفوضا على نحو ظاهر. دولة ديمقراطية، تحب السلام والعدل، لا يحق لها أن تقتلع عائلات لاجئي 1948، خلفوا منازلهم في غربي القدس وحظوا من السلطات الأردنية بمأوى متواضع. الادعاء بأن المنازل في الشيخ جراح اشتراها يهود في بداية القرن الماضي هو سهم مرتد، يفتح صندوق فاسد سياسي وقانوني. لن يقتنع أي ذي عقل بأن لليهود حقا جارفا في العودة إلى المنازل في شرقي القدس في الوقت الذي يحرم القانون الإسرائيلي ليس فقط حق الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم في غربي المدينة، بل ويطردهم من المنازل التي سكنوا فيها نحو ستين سنة. أنظمة مديرية أراضي إسرائيل هي أيضا لا تسمح للسكان الفلسطينيين في شرقي القدس بالحصول على ملكية على الأراضي والمنازل في كل أرجاء المدينة. القليل المطلوب من دولة سوغت مصادرة آلاف الدونمات في شرقي القدس من أجل أن تبني لمواطنيها خمسين ألف شقة، هو المصادرة مرة واحدة وإلى الأبد من محافل متطرفة الحق في تحويل القدس إلى عقبة في وجه السلام وحجر عثرة أمام المصالحة بين الشعبين اللذين يعيشان فيها. على الحكومة أن تعيد فورا السكان الفلسطينيين إلى منازلهم في الشيخ جراح، وتلغي أوامر الإخلاء بالحق في مزيد من المنازل. مصير الحي يجب أن يتقرر في المفاوضات السياسة.