انتهى العدوان الصهيوني (مؤقتا) على غزة في 18 يناير الماضي بعد استشهاد أكثر من 1500 فلسطيني. وقد كان «ضمير» الجمعيات الحقوقية الإسرائيلية في حاجة إلى سبعة شهور كاملة لكي يستيقظ بغتة، حيث نادت هذه الجمعيات منذ أيام قليلة بفتح تحقيق في «التجاوزات» التي قام بها «بعض» جنود «التساحال» الصهانية خلال العدوان على غزة. سكتت الجمعيات «الحقوقية» الإسرائيلية دهرا ونطقت كفرا، إذ إن ما تسميه «تجاوزات» هو في الواقع محرقة وحرب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية يندر لها المثيل، وذلك مهما حاولت تلك الجمعيات الإسرائيلية تعهير اللغة بألفاظ تَنْغُل بالنِّفاق وتسعى إلى التغطية على الجرائم المنكرة وإخراج هذه المنظمة الإرهابية المسماة إسرائيل من أزمتها «الأخلاقية» (واخا كل شي عارف راهْ ماعندها أخلاق) التي تتخبط فيها وذلك بأٌقل الخسائر. لقد اعتبر جيش العدوان الإسرائيلي حرب غزة حربا «مقدسة»، وحكى بعضهم كيف أنَّ «قِدِّيسَة يهودية» ماتت منذ قرون كانت تظهرُ لهم في شوارع غزة وترشدهم إلى مواقع «الإرهابيين» أو تنبههم إلى بعض المخاطر والكمائن المنصوبة لهم من طرف المقاومة الفلسطينية. وقد رددت صحف «إسرائيل» -بلا حشما بلا حيا- هذه الخرافات على صدر صفحاتها الأولى، وهو ما يعني أن إسرائيل كيَّان خرافي بالأساس مهما تظاهر بالعلمانية ومهما أكد انتماءه إلى قيّم الغرب وثوابته المعلنة على الأقل في مجال الحقوق والحريات. وفي هذا السيّاق يمكننا أن نعتبر الجمعيات، الحقوقية الإسرائيلية نفسها خرافة، وبلاغاتها التي تطالب بفتح تحقيق في «تجاوزات» «التساحال» (جيش العدوان) في مجازر غزة مجرد مناورة ومكيدة تقوم بها هذه الجمعيات بعد كل عدوان وحرب إبادة تقوم بها إسرائيل ضدَّ الشعب الفلسطيني منذ 60 عاما، وهذه المناورات موجهة للاستهلاك الخارجي.