سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
براوي: التقيت سميرة سيطايل في محطة القطار فقالت لي إن رآك البصري فسيقتلك لم أشأ مقابلة جان بيير تيكوا لأنني لا أبحث عن قاعدة تحمي ظهري وأنا من كان سبب العلاقة بينه وبين بوبكر الجامعي
صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - تقول إن إدريس البصري كان من أكبر الذين هاجموك إبان إطلاق مشروعك الإعلامي... > بمناسبة الحديث عن مشروعي الإعلامي، دعني أشير إلى أني كنت قد اخترت له اسم «ماروك للأخبار» والذي كان عنوانا إعلاميا قديما، فقد كان موجودا في الساحة الإعلامية وكان رئيس تحريره آنذاك هو المستشار الملكي أندري أزولاي. ويعود اقتباسي للاسم ذاته واختياري له ليكون عنوانا لمشروعي الإعلامي الخاص إلى كون تلك التجربة الصحافية كانت، فعلا، تجربة فريدة في المغرب. ساهم معي في المشروع إدريس جطو، كما أشرت إلى ذلك سابقا، ومؤسسة التأمين الوطنية التي كانت قد عقدت مجلسها الإداري لتقرر الدخول في رأسمال الجريدة، قبل أن تتراجع جميع الأطراف بعد ضغط من إدريس البصري، الذي أفشل فعلا مشروعي الإعلامي. كما كان هناك حزب سياسي اتفق معي على الإشراف على جريدتيه، إحداهما ناطقة بالعربية والأخرى بالفرنسية، على أساس أن أشرع في العمل ذات يوم اثنين، لكنني فوجئت باتصال هاتفي مساء يوم الأحد أخبرني فيه المتصل بأن رئيس الحزب قرر فسخ العقد معي بسبب ضغوطات من البصري. لكن مع ذلك، أود أن أذكّر البعض بأنه إلى غاية نهاية الثمانينيات كان البصري لا يزال يمارس دوره كرجل سلطة فقط ولم يتجاوز هذه الحدود لدخول عالم المال والأعمال ولم يثبت عنه أنه استغل سلطته واستفاد من أراض أو غير ذلك؛ ولم يصبح البصري رجل مال إلا عندما كبر أولاده وقرب أجل وفاة الملك الراحل. - يقولون إنك ترددت كثيرا قبل كتابة مقالك الشهير حوله في «لوجورنال»، ووقعته باسم مستعار... > أنا لم أتردد أبدا.. حمودة حجي، العالم يعرف أنني أوقع بهذا الاسم المستعار كلما غيرت الجريدة التي أشتغل فيها. تناقشت مع بوبكر الجامعي دقيقة أو دقيقة ونصف قبل كتابة المقال فاقتنع وتحمس للفكرة، وعلي عمار لم يكن يعرف شيئا عن الموضوع وكذب على بوبكر حين قال، في حواركم معه، إنه هو من كتبه وسافر إلى إنجلترا يوم نشره، وبالتالي فلا يجب على عمار أن يزايد علي في شيء. أنا لا أفتخر بمقال «لإنقاذ التناوب.. على البصري أن يرحل»، فلدي مقالات أخرى أكثر أهمية؛ وفي هذا السياق، أتذكر أنني كتبت يوم تعيين إدريس جطو، رغم العلاقات الوثيقة التي تجمعني به والتي بلغت درجة من الحميمية جعلته يعتبرني من عائلته، أتذكر أني كتبت يومها: إنها «نهاية السياسة»، ويا ليتني كنت مخطئا، وأفتخر أيضا بمقالي حول عبد الرحمان اليوسفي الذي عنونته ب«عبد الرحمان التصفاوي» وقلت فيه إنه أصبح مختصا في تصفية الناس، أما ذلك المخصص لإدريس البصري فكان مقالا عاديا بين المقالات. وأتذكر أنه يوم نشر المقال، نزلت في محطة أكدال فالتقيت بسميرة سيطايل، فقالت لي: هل رأيت البصري إنه سيقتلك، قلت ولماذا سيقتلني؟ فردت علي: ليس بسبب المقالات، ولكن بسبب الصورة التي نشرتموها له والتي يظهر فيها جلده وقد غطاه البرص. - هل أسست علاقات مع صحفيي «لوموند» في فترة عملك في مجلة «لوجورنال»؟ > كانت عندي كاتبة اسمها فاطمة، وعندما غادرت «لافي إيكونوميك» جئت بها لتعمل معي في «لوجورنال»، وحين تركت المجلة طردوها. لازالت على قيد الحياة وبوسعها أن تحكي لكم ما حصل يوم اتصل بي جان بيير تيكوا ليطلب موعدا للقائي؛ حيث أذكر أني حددت الساعة الرابعة زوالا كموعد للمقابلة، وحين جاء كنت منهمكا في الإعداد النهائي للمجلة قبل إرسالها إلى المطبعة، فطلبت من فاطمة أن تعتذر إليه وتطلب منه أن يعاود المجيء في وقت لاحق. في نفس الوقت، جاء عندي بوبكر الجامعي ليقول لي إنه ليس من اللائق أن نقوم بذلك مع هذا الصحافي، فقلت له اذهب وقابله أنت، لأكون بذلك سبب العلاقة التي قامت فيما بعد بين تيكوا وبوبكر. قمت بذلك التصرف مع جان بيير تيكوا لسببين: أولهما أني لا أبحث عن قاعدة تحمي ظهري، لأن والدي كرس حياته لمحاربة المغاربة الذين يستفيدون من حماية الأجانب، وثانيهما أني تربيت وسط حزب الاتحاد الاشتراكي، وبالتالي فلم أبحث يوما عن الحماية من أحد. كان مؤسسو «لوجورنال»، إلى جانب الصحافي سميث، يصفون حاشية الملك ومن كان يتم بعثهم إلى جريدة «لوموند» قصد التفاوض، في كل مرة كان ينزل فيها مقال عن المغرب بالجريدة الفرنسية، ب«عباد الشمس، في الوقت الذي كانوا فيه من بين الأوائل الذين يقومون بذلك، وعلي عمار في كتابه قالها صراحة، حيث ذكر أنهم ذهبوا إلى جان بيير تيكوا بعد لقائهم بأندري أزولاي في باريس في محاولة منهم لثنيه عن نشر ملف حول هشام المنظري، وهم الآن يزايدون علينا. - هل من طرائف تعرفها حول علاقة البصري ببعض السياسيين؟ > هناك هالة كبيرة تشكلت حول شخصية البصري. هناك واقعتان أنا أعرفهما جيدا وأضبطهما. يوم أرادت المنظمة الديمقراطية التحول من السرية إلى الشرعية استقبل إدريس البصري ممثليها في بيته واتصل ببنكيران، الذي كان مشرفا وقتها على الانتخابات بوزارة الداخلية، فأتاه بالمال في حقيبة، ثم عمد البصري إلى منحهم 120 مليون سنتيم كدعم لتأسيس الشركة التي ستصدر جريدتهم «أنوال». الطريف في هذا الأمر أن الشخص الذي تكلف بحفظ المال إلى اليوم الموالي لإيداعه في البنك لم ينم تلك الليلة خوفا من ضياعه. الواقعة الثانية كانت خلال شهر رمضان، قبل انتخابات 1997 التي ستمهد للتناوب التوافقي.. حينها وقع الانشقاق داخل منظمة العمل، واتصل بهم البصري فذهب إليه عيسى الورديغي والشفيقي، وعندما وفدا إلى بيته ودخلا لم يجداه هناك، ووجدا في البهو أعضاء المكتب المسير للنهضة السطاتية، أو «النهيْضة» كما كان يحب البصري تسميتها، وفي صالون آخر مجاور كان يوجد عبد الرحمان اليوسفي ومحمد بوستة، وقام الخدم بإدخال الورديغي ورفيقه إلى غرفة أخرى ضيقة. جاء البصري في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، في الوقت الذي ظل الضيوف ينتظرونه فيه منذ الساعة الثامنة مساء، وحينما دخل إلى البيت توجه مباشرة إلى الغرفة التي كان يتواجد فيها المكتب المسير ل«النهيْضة» وتبادل مع أعضائه أطراف الحديث، وبعد ذلك توجه إلى الصالون الذي يتواجد فيه اليوسفي وبوستة، ولم يحن دور الورديغي والشفيقي إلا بعد ذلك، فقال لهما إنني فقط أردت أن أخبركما بأنني سأضع اسميكما في اللجنة الوطنية للانتخابات. هذه هي وقائع العلاقات التي كانت تربط بين إدريس البصري وبعض السياسيين، وأتساءل اليوم لماذا يشتمونه، إنهم قبلوا علاقات موبوءة به.. لم يفرضها عليهم أحد!