أثار استثناء الأجهزة الأمنية من الخضوع لمقتضيات قانون حماية الأشخاص الذاتيين في معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي قلق المتتبعين للملف بالرغم من تطمينات وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، أحمد رضا الشامي، الذي شدد على أن هدف القانون «أصلا هو حماية حرية المواطن وخصوصيته». جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمته الوزارة بشراكة مع اللجنة الوطنية الفرنسية للإعلاميات والحريات، أمس الثلاثاء، بقاعة الندوات بالمكتبة الوطنية وسط العاصمة الرباط. وأكد أليكس تورك، رئيس اللجنة الفرنسية، ردا على تساؤل برلمانية مغربية حضرت اللقاء حول مدى جدية التخوفات من حدوث تجاوزات أمنية بسبب هذا الاستثناء، أن «التجربة الفرنسية تتميز بالوضوح حيث إن القانون يمنحنا الحق في الاطلاع على كافة الملفات المعلوماتية التي في حوزة أجهزة الأمن ودراستها وتقديم النتائج لعموم المواطنين». وأضاف تورك أن «آخر تقرير أجريناه كان قبل مدة وجيزة حيث اطلع خبراؤنا مدة عام كامل على ملف أمني ضخم لدى وزارتي الداخلية والعدل، أصدرنا على إثره تقريرا يوجه انتقادات لاذعة إلى المسؤولين الذين وجدوا أنفسهم ملزمين بتقبل الانتقادات والخضوع لها بالرغم من أنها أزعجتهم بالتأكيد». وأوضح أنه غداة نشر اللجنة لتقريرها «عدت مرتاحا إلى منزلي وأنا فرح لكون الديمقراطية في بلدي، التي أساسها حماية المواطن ضد أي تجاوزات من أي مسؤول، راسخة وقوية». ولوحظ غياب كل من وزيري الداخلية والعدل شكيب بنموسى وعبد الواحد الراضي عن اليوم الدراسي، واكتفيا بحضور ممثلين عنهما، في الوقت الذي حضر فيه كل من وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري ولطيفة أخرباش كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية والتعاون، إلى جانب أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي غادر قاعة الندوة قبل انتهائها. وبشر الوزير الشامي بقرب إنشاء اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، وأكد في مداخلته بالندوة أن «الوزارة ستمنح صلاحيات واسعة للجنة لتنفيذ وتطبيق القانون بغرض حماية المواطنين من أي تجاوزات». وكان وزير العدل الراضي قد أجرى محادثات أول أمس مع أليكس تورك تمحورت حول سبل حماية المعطيات الشخصية وسبل تسريع إحداث لجنة مغربية متخصصة لتحقيق هذا الهدف في ظل غزو التكنولوجيا للحياة الخاصة للمواطنين. وينص القانون الذي صودق عليه يوم 7 يناير المنصرم على حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من خلال تجمع مختلف المعطيات وإخضاعها لشروط قانونية صارمة منها اشتراط موافقة الشخص المعني بالأمر قبل عملية التسجيل، إلى جانب حق الأشخاص في الاطلاع على معطياتهم الشخصية بغرض تصحيحها، وكذلك فرض شروط قانونية قبل تحويل معطيات ذات طبيعة خاصة نحو دول أجنبية. وبخصوص اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، فالقانون يمنحها سلطات واسعة للبحث والمراقبة والتدخل، ويعين أعضاؤها من طرف ملك البلاد «وذلك بغرض ضمان استقلاليتهم ونزاهتهم تجاه مختلف الجهات». ويعاقب المخالفون لمقتضيات القانون بغرامة مالية تصل إلى 300 ألف درهم وعقوبات سجنية قد تصل إلى سنتين.