رفع أزيد من 200 محام داخل قاعة الجلسات بالمحكمة الابتدائية بالرباط، مساء أول أمس، شعارات تندد بتدخل سياسيين في سير القضاء، واتهموا فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، بتحريك ملف فارغ قانونيا، لكنه ذا بعد سياسي، يتعلق بالتسابق على رئاسة مجلس مدينة الرباط، وباقي رئاسات المقاطعات، على حد قولهم. وقال المحامون، الذين وضعوا شارة حمراء، «الهمة سير فحالك القضاء ما شي ديالك»، مؤكدين أن اعتقال سعيد يابو، رئيس مقاطعة اليوسفيةبالرباط، من قبل النيابة العامة، يعد تدخلا سافرا في اختصاصات هيئة المحامين، التي تنظر في الشكاوى التي يرفعها الموكلون بخصوص الأتعاب المرتبطة بالملفات. وقال النقيب محمد أقديم، في مرافعاته، إن وسائل الإعلام تداولت خبر اعتقال المحامي يابو، دون معرفة الأسباب، ولكي يضع الجميع في صورة الحدث، تلا أقديم حيثيات الاعتقال، وأسهب في توضيحها، قائلا: «إن الشرطة القضائية كانت ترابط أمام منزل يابو، بعد أن وضع ترشيحه في دائرة اليوسفية، وبعد فوز لائحته ب6 مقاعد، وقبل إجراء انتخابات عمدة الرباط، تحركت آلة الاتصالات والمراقبة اللصيقة، حيث طلب من يابو الحضور يوم 23 يونيو، للمثول أمام وكيل الملك، وصادف ذلك اليوم انتخاب عمدة الرباط، فطلبنا من وكيل الملك، تأخير موعد الاستماع، رغم أننا لم نكن قد اطلعنا على موضوع الملفات، كون الطرف الآخر اعتبرها سرية، وقيل بشأنها إنها لا تتعلق بالممارسة المهنية الصرفة». وقال أقديم إن الملفات التي قيل إن موكله نصب وخان فيها الأمانة، ليست حقيقية، إذ عرض نائب وكيل الملك الوقائع التالية على يابو، وعلى الجميع أن يحكم عليها «اتصل شخص بالمحامي يابو، من أجل شراء عقار من البنك الشعبي، وكلفه بالقيام بذلك، وسلمه مبالغ مالية، واحتفظ يابو بالوديعة الاختيارية، وبادر بالاتصال بالبنك للقيام بما طلب منه، لكنه فوجئ بوضع شكاية ضده يوم 10 يونيو، التي لم توجه إلى هيئة المحامين، ورغم كل ذلك، أرجع يابو الوديعة الاختيارية، وأدلى بتنازل من طرف المشتكي، وقدمه للنيابة العامة». وفي الملف الثاني، كلف يابو من طرف شركة المنظر الجميل بالاتصال بشركة معمارية، لتحويل رسومات عقارية في اسمها، معلنة استعدادها أداء ثمن العقار الذي يصل إلى 13 مليار سنتيم، واتفق أصحاب شركة المنظر الجميل مع يابو لتمكينه من مبلغ 5 ملايين درهم كأتعاب، حيث تسلم 205 ملايين سنتيم كمقدم عن المتفق عليه، وقام بواجبه، وراسل الجهات المعنية، لكن تبين أن الأملاك المخزنية هي المالكة للعقار، وأن مكتب الاستثمار الجهوي هو المكلف بهاته التفويتات، وتوصل يابو بالوثائق المطلوبة بواسطة البريد الإلكتروني، وراسل موكليه لتجميع الوثائق اللازمة، لكن الشركة طالبت بإرجاع مبلغ الأتعاب، مدعية أنه لم يقم بما طلب منه، ومع ذلك أرجع يابو مبلغ الأتعاب، ووقع التنازل. وفي ملف آخر، ناب يابو عن ورثة في إطار نزع الملكية، وحكمت المحكمة بتعويض وصل إلى نحو 400 مليون سنتيم، وبما أن الملف لا يشمل المشتكين لوحدهم، بل أطرافا أخرى، توصل يابو بمبلغ 128 مليون سنتيم، استخلص منه أتعابه، وأدلى بصور الشيكات، وكذا بالكشوفات الحسابية التي تفيد توصل المستفيدين، بحقهم، بتاريخ 29 و30 ماي 2008، لكن نفس المشتكين ظلوا يطالبون بتمكينهم من المبلغ برمته، علما أنه لا يعود إليهم. وتعالت الشعارات وسط القاعة، تنتقد النيابة العامة، كونها «سطت على اختصاصات هيئة المحامين، وأرادت تطويعها، خدمة لأشخاص يمارسون السياسة من خارج النظام القضائي»، وذكر النقيب أقديم الناشط الجمعوي إلياس العماري الذي قال لأحد المحامين «إن يابو سيعتقل». ومن جهته، التمس وكيل الملك رفض طلب السراح المؤقت للمحامي يابو، مؤكدا أنه ارتكب جرما خطيرا، كونه رفض المثول أمام النيابة العامة للإجابة عن استفساراتها حيال الشكايات المرفوعة ضده، متذرعا بأنه أصيب بوعكة صحية، كما أن نقيب هيئة المحامين بالرباط رفض الإجابة عن جملة من الرسائل التي وجهت له، مؤكدا أن قرار الاعتقال جاء وفق تعليمات الوكيل العام الذي طلب التطبيق الصارم للقانون، كون المحامي دلس على موكليه، وحصل على أتعاب بدون وجه حق. ورفضت المحكمة ملتمس السراح المؤقت، وقررت مواصلة مناقشة الملف يوم 14 من الشهر الجاري. وبالمقابل، اتهمت بعض النسوة رئيس مقاطعة اليوسفية بالاختلاس.