كثفت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، المعروفة اختصارا ب«الديستي»، من تحرياتها من أجل وضع اليد على ما تعتبره «تنظيما سريا» بدأت تظهر معالمه في الآونة الأخيرة، يتخذ من فضح فساد رجال الشرطة والدرك المكلفين بمراقبة حركة المرور موضوعا رئيسيا للخطابات التي يروجها عبر الشبكة العنكبوتية. وكشفت مصادر مطلعة أن مبعث قلق المصالح الأمنية كون الشريط المصور الأخير، الذي تم بثه على نطاق واسع في موقعي «يوتوب ودايلي موسيو» وموقع باسم قناص سيدي إيفني، يصور رجال شرطة مرور وهم يتسلمون رشاوى من سائقين، وأنه قد تم إنجازه بتاريخ 9 أبريل 2008 وتم الاحتفاظ به مدة سنة و3 أشهر ليتم إخراجه خلال شهر يوليوز الجاري، أي على بعد أسابيع من الذكرى العاشرة لعيد العرش. كما تحدثت المصادر ذاتها عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء إطلاق هذا الشريط رغم أن رجال الأمن المعنيين الواردين في الشريط قد تم اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم، حيث يتعلق الأمر بعميد الشرطة وضابط الأمن وحارس الأمن الذين تم منعهم نهائيا من القيام بمهمات لها علاقة بالمواطنين على إثر تحريات خاصة أنجزتها المفتشية العامة للإدارة العامة للأمن الوطني التي كثفت من أعمالها منذ سنة 2007. ولا تستبعد المصادر ذاتها أن تكون وراء هذا التنظيم السري جهات موالية للبوليساريو على اعتبار أن الرنة التي يعزف عليها الخطاب لا تختلف عن الأدبيات التي تمتح منها جبهة البوليساريو. وحسب المصادر ذاتها، فإن تحريات رجال عبد اللطيف الحموشي، مدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تحاول أن تفك شفرة المطالب التي عبر عنها مخرجو الشريط الأخير والتي هي، في غالبيتها، مطالب ذات بعد وطني تتعلق بإطلاق سراح معتقلين سياسيين وإطلاق سراح شكيب الخياري الذي حكم عليه مؤخرا ب3 سنوات حبسا نافذا على خلفية تهمة «تسفيه مجهودات الدولة في محاربة المخدرات». كما تتعلق المطالب، التي لا يوجد أي ناظم بينها، بإطلاق سراح ما تبقى من معتقلي أحداث سيدي إيفني وفك أسر الطالبة القاعدية زهراء بوذكور وباقي رفاقها المعتقلين بسجن مراكش وتعويض المتضررين من أحداث سيدي إيفني. مثار قلق الأجهزة الأمنية التي تشتغل على هذا الملف هو كون الشريط الأخير ينتقل، لأول مرة، من انتقاد رجال الشرطة والدرك إلى تخصيص حيز مهم للجهاز القضائي، وهو ما يعني أن لدى هذا التنظيم استراتيجية خاصة في التعاطي مع القضايا المطروحة، حيث يتصرف وكأنه حزب سياسي. وقد اتهم الشريط القاضي سرحان، الذي تولى التحقيق مع الخياري، بما أسماه «الاستئساد فقط على البسطاء وعدم تحريكه الدعوى ضد حسن اليعقوبي، زوج عمة الملك، الذي أطلق الرصاص في شهر رمضان الماضي على شرطي مرور بعين الذئاب». كما لامه على عدم تحريك الدعوى ضد خالة المالك، حفصة أمحزون، وكذا على عدم متابعة ابن والي كلميم.