مازال جلد الصحافة مستمرا... فبعد الحكم السوريالي لصالح عقيد ليبيا ضد ثلاث جرائد مغربية والحكم الجبار والقاسي ضد مجلة «إيكونومي إي أنتروبريز» (590 مليون سنتيم) ربما جاء الدور كذلك على إدارة الضرائب والبقية تأتي... إننا اليوم أمام سؤال جوهري واضح. هل تريد الدولة بلدا بدون صحافة أو فقط صحافة «كولو العام زين»؟ هل هناك نية مبيتة في وأد حبل التواصل مع الرأي العام؟ لماذا تصر بعض الجهات على إسكات كل صوت يريد تنوير المواطن وفتح أعين المسؤولين.. على بؤر الفساد؟ إننا أمام منحى خطير.. منعرج تذبح فيه الصحافة في غياب شامل لأي مخاطب. من المسؤول عن هذه المجزرة؟ من بإمكانه إيقاف هذا العبث؟ الله وحده يعلم ! في عقد الثمانينيات والتسعينيات عندما كان الحسن الثاني يحكم البلاد بقبضة حديدية، والصدر الأعظم إدريس البصري يسود ويحكم بجبروت غير مسبوق، لم يسبق أن تم إغلاق جريدة ولا تسخير القضاء ليسلط عليها سياط ذعائر وتعويضات لا تقدر على تسديدها حتى جرائد عالمية مثل «لوموند» و«الباييس» وغيرهما. كانت هناك مشاكل مع الصحافة وكانت هاته الأخيرة تُغضب الحاكم وتجعله أحيانا يضرب على الطاولة، وفي قمة الغيظ كانت تمنع عنوانا وترخص لصاحبه بتغييره بآخر كما حدث عدة مرات مع عميد الصحفيين مولاي مصطفى العلوي. أنا هنا لا أتحدث عن فترة الستينيات والسبعينيات التي عاشت فيها الصحافة محنا حقيقية وناضلت من أجل مكتسبات ما نزال اليوم «ننعم» بثمارها فيما يبدو أن البعض يريد الرجوع حتى عن مكتسبات القرن الماضي. يقع كل هذا في مغرب اليوم.. مغرب الألفية الثالثة، مغرب يحضر للاحتفال بأول عشرية للنظام (الذي لم يعد جديدا) الذييقوده الملك محمد السادس.. هناك من يريد للصحافة أن تتشنج وأن تصطدم بالنظام حتى تُصور بأنها معارضة للنظام والحال أن الصحافة ليس من دورها أن تلعب المعارضة ولم تصرح يوما بنيتها في لعب ذلك الدور. هناك من يصور الصحافة بأنها فزاعة، والحال أنها رافعة للتنمية البشرية ولا يمكن لمجتمع أن يعيش بدونها وسنجرب ذلك وليتحمل كل واحد مسؤوليته. أخذ الزميل نور الدين مفتاح مدير أسبوعية «الأيام» المبادرة وأصدر عموده فارغا من الرأي الذي يطل به على قرائه كل أسبوع احتجاجا منه على الحيف الذي تتعرض له الصحافة ودعا باقي الزملاء إلى أن يحذوا حذوه. أتمنى أن يتوحد كل الزملاء أمام هذا «المصاب الجلل» وأن يتوقفوا عن الصدور ولو ليوم واحد، يخصص للاحتجاج عبر التظاهر وتنظيم ندوات صحفية لتقريب الرأي العام من همومنا. لدينا آلية هامة يجب أن نُفعلها وهي تضامن القراء ومن ثم الرأي العام معنا، فلسنا وحدنا في المعركة ولن نترك أحدا «يفرزنا»... وسنبقى منفتحين على كل حوار لوقف هذا العبث الذي أصبحنا معه نستفيق كل يوم ولا نعرف هل سنصدر غدا.. برافو يا بُناة المغرب الجديد.. مغرب الحرية وحقوق الإنسان، لقد نلتم من الصحافة فلتكملوا الفصل الأخير من هذه المسرحية الرديئة.. فصل ينتهي بالإعدام كأي مسلسل بئيس. نعم الإعدام.. فقد نجحتم في سن «باريم» للذعائر والتعويضات أصبح يقدر بمئات الملايين وليس بآلاف الدراهم ونجحتم كذلك في جعل البنوك تغلق صنابير القروض خوفا على «فلوسها» وأفلحتم في ترهيب المعلنين... برافو.. لقد نجحتم!