نفى عبد الواحد الراضي، وزير العدل، أن يكون القضاء طمس ملفات مرتبطة بالفساد، أو سكت عن أخرى، ولم يحرك بشأنها الدعوى العمومية، مشيرا إلى أن الحكومة حريصة على تنفيذ البرنامج الذي أعدته لتخليق الحياة العامة ومكافحة كل مظاهر الفساد، بكل تجرد وموضوعية وصرامة. وأوضح الراضي، الذي كان يتحدث مساء أول أمس في مجلس المستشارين، أنه حالما تتلقى النيابات العامة شكاوى في ملفات الفساد، تجري بشأنها الأبحاث الضرورية وتحيل المتهمين على الجهات القضائية المختصة قصد محاكمتهم طبقا للقانون. وأكد الراضي أن القضاء وحده مسؤول عن تحديد مصير وتاريخ البت في الملفات التي تحدث عنها الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية (تابع لنقابة الفدرالية الديمقراطية للشغل)، واضع السؤال، مبرزا أن القضاء باشر ملف القرض العقاري والسياحي، وأصدر بشأنه حكما ابتدائيا بالإدانة، تم الطعن فيه في المرحلة الاستئنافية، حيث أدرج جلسته في 2 يوليوز الجاري، فيما ينظر المجلس الأعلى في ملف البنك الشعبي. بيد أن الراضي أقر بأن ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يتم البت فيه إلى حد الآن، «لأن التحقيق لم يكتمل بعد، كما أن قاضي التحقيق لم يتمكن من الاطلاع على الوثائق التي اعتمدت في صياغة تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس المستشارين». وأضاف الراضي أنه «بالنظر إلى ضرورة الاطلاع على هذه الوثائق لإتمام البحث، فقد تمت مكاتبة مجلس المستشارين قصد العمل على وضع الوثائق المذكورة رهن إشارة قاضي التحقيق»، مشيرا إلى أنه متيقن من أن مجلس المستشارين سيقدم المساعدة اللازمة في هذا الإطار. وخلص الراضي إلى القول: «إن الملفات، جميعها، إما معروضة على أنظار قاضي التحقيق أو رائجة أمام المحكمة، بحيث لا يمكن الحديث عن ملفات مسكوت عنها أو ملفات تم طيها». وكان أعضاء لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين، برئاسة رحو الهيلع، قد وضعت تقريرها، بعد الانتهاء من صياغته يوم 6 يونيو 2002، أمام أنظار المجلس، والمشكل من326 صفحة، حيث استغرق عملها نحو 173 يوما و125 ساعة من العمل في 57 اجتماعا، إذ استمعت اللجنة إلى 48 شاهدا وفحصت 1900 وثيقة، بلغ مجموع صفحاتها 88 ألف صفحة، وقامت ب13 زيارة ميدانية إلى مقر الصندوق الوطني وللمندوبيات الجهوية والإقليمية والمصحات التابعة لها. وكانت لجنة تقصي الحقائق خلصت إلى وجود اختلالات وسوء تسيير وتبذير واختلاسات مباشرة وغير مباشرة متعددة ومتكررة، خلال السنوات الماضية. وحدد التقرير ضياع 47.7 مليار درهم. واستنتج أنه من خلال 30 سنة من التدبير، تتحمل الإدارة مسؤوليتها الكاملة في موضوع الاختلالات، حيث حدد التقرير أسماء المديرين العامين والكتاب العامين في حالة التوقيع بالتفويض على الوثائق. واعتبر التقرير أن الصلاحيات الموكولة إلى السلطة الوصية، في ممارسة الخبرة القانونية على المجلس الإداري، بوشرت بصورة تسهل عملية الانحرافات والانزلاقات، مشيرا إلى دور وزراء المالية وأجهزتها المختصة، وكذا مسؤولية وزراء التشغيل. إلى ذلك، اتصلنا هاتفيا بكل من المعطي بن قدور، رئيس مجلس المستشارين، ورحو الهيلع، الذي رأس لجنة تقصي الحقائق، قصد أخذ رأييهما في الموضوع، لكن هاتفيهما لم يردا. وكانت مصادر برلمانية أكدت أن تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي وضع في مكتب الراحل مصطفى عكاشة، كان مرفقا ببعض الوثائق الخاصة بالاختلالات التي وقعت في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن ذات المصادر لم توضح المصير الذي آلت إليه.