كانت مناسبة أول لقاء جمع زعيم الخلية الجديدة عبد الله أهرام الملقب بأبو ياسين، التي تم تفكيكها الأسبوع الماضي، بزعيم خلية أنصار المهدي، التي تم تفكيكها سنة 2006، هي لجوؤه إلى هذا الأخير طلبا للاستشفاء والحصول على بعض الأعشاب لأحد أفراد عائلته كان يعاني من مرض استعصى على الطب الحديث علاجه. وكان برفقته في هذه الزيارة، التي قادته من مقر إقامته بتطوان إلى سلا، أحد أصدقائه. وصادف تواجده داخل محل حسن الخطاب، زعيم الخلية الذي قضي في حقه ب30 سنة سجنا نافذا، اقتحام فرقة مكافحة الإرهاب لمحل سكن الخطاب واقتياد جميع من كان بداخل المنزل إلى مركز الأمن. سبب اعتقاله في هذه الحملة أنه دخل في مشادة مع أفراد الفرقة المقتحمة، حيث سيؤدي، بسبب رفضه الإدلاء ببطاقته الوطنية، ثمنا غاليا. نصيب أبو ياسين، الذي كان ينشط في تجارة المخدرات والهجرة السرية بمدن الشمال، كان سنتين حبسا. وبعد مغادرته للسجن سنة 2008 بقي تحت الأضواء الكاشفة لفرقة مكافحة الإرهاب. كل ما يعرفه عنه رفاقه داخل سجن الزاكي أنه، قبل التزامه دينيا، كان تاجرا للمخدرات وله أخوان شقيقان بسبتة معروفان هناك بتعاطي هذه التجارة وليس معروفا عنهما أي التزام ديني. حصل على الجنسية الإسبانية عن طريق اقترانه بفتاة إسبانية، بعدما اعتنقت الإسلام، أنجب منها طفلين. طيلة مكوثه بسجن الزاكي، لم يكن يبدو عليه أي تميز عن باقي معتقلي هذه الخلية وأن اعتقاله ضمن أفراد هذه الخلية كان من باب الصدفة رغم عدم معرفته المسبقة بالخطاب. «هو مجرد شخص عادي»، يقول معتقل تعرف عليه عن كثب داخل السجن، وجهه أبيض ويصنع ضفيرة في شعره الطويل. فرقة مكافحة الإرهاب لم تكن لتترك هذا الشخص الذي غادر أسوار سجن الزاكي دون أن تضعه تحت أعينها، فهو، من جهة، حتى وإن كان قد قضى عقوبة في جريمة إرهابية فإن إمكانية العود تظل ممكنة، لم يتخل عن التزامه الديني، وبالمقابل عاد إلى تجارة المخدرات بعد أن ضاقت في وجهه السبل. ومخافة أن تكون هذه التجارة وسيلة من وسائل التمويل لأنشطة إرهابية نظرا إلى ارتباط الجريمة المنظمة بالإرهاب، قامت عناصر الفرقة المذكورة بترصد الشخص إلى أن تم وجود خيوط ناظمة بين نشاطه القديم في تجارة المخدرات والهجرة السرية وتزوير الوثائق وجوازات السفر وشبهة ارتباطه بخلايا إرهابية. مصادر مطلعة كشفت عن تتبع مصالح الأمن لخيوط جديدة من شأنها أن تقود إلى عناصر أخرى ضمن نفس الخلية التي أسسها أبو ياسين قد يفوق عددها خمسة أشخاص، كما أن الأبحاث جارية على قدم وساق لمعرفة ما إذا كان هذا الأخير قد ربط صلات مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في الجزائر. رفاقه داخل سجن الزاكي يقولون إنهم كانوا يتوقعون أن يتم الإعلان عن مثل هذه الخلية من أجل قطع الطريق على محاولات حل ملفات السلفية الجهادية، وكذا قطع الطريق على إمكانية العفو عن البعض منهم خلال مناسبة عيد العرش القادم. ارتباط الإرهاب بتجارة المخدرات يعتبره الباحث في شؤون التيارات الجهادية بالمغرب محمد ضريف مسألة عادية مادام أن الجهاديين يجدون مشاكل كبيرة في تمويل مشاريعهم الإرهابية. ويوضح ضريف، في تصريح ل«المساء»، أنه من أجل توفير وسائل الدعم اللوجستيكي للأعمال الإرهابية التي تخطط هذه الخلايا للقيام بها لا تجد أدنى حرج في توظيف أموال وعائدات المخدرات، منطلقة من قاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات. ويضيف الخبير في شؤون الحركات الجهادية أن التضييق على هذه الخلايا من أجل جمع أموال المحسنين دفع بهم إلى البحث عن وسائل تمويل جديدة، من بينها تجارة المخدرات وعائدات التهريب والهجرة السرية.