لعل أبرز ما أفرزته الانتخابات الجماعية لبلدية المحمدية من غرائب، حكاية باشا المدينة الذي تم إيقافه من طرف عزيز دادس، عامل عمالة المحمدية في حدود الساعة السابعة مساء من ليلة الخميس 11 يونيو، بناء على قرار شفوي تلقاه عبر الهاتف من جهات عليا بوزارة الداخلية، وانتظار حوالي أسبوعين دون أدنى تحقيق أو بحث في الموضوع، أو صدور أي قرار كتابي، ليعمد دادس في مبادرة أخرى إلى تعيينه مؤقتا منتصف الأسبوع المنصرم على رأس دائرة زناتة المحمدية، وتعويضه بالرئيس السابق لنفس الدائرة. فقد أثارت عملية تبادل المناصب التي أقرها مؤقتا العامل بين باشا المدينة ورئيس الدائرة، استغراب الرأي العام المحلي والإقليمي، والتي أتت في الوقت الذي كان ينتظر فيه أن يتم البحث والتحقيق من طرف وزارة الداخلية مع باشا المدينة عبد الحميد نجيم الذي وجد نفسه ممنوعا من أداء مهامه عشية اليوم الأخير للحملة الانتخابية الأخيرة، بعد أن أوقفه دادس دون أدنى قرار كتابي. مصادر من داخل العمالة أكدت ل«المساء» أن توقيف الباشا جاء بناء على قرار شفوي عبر الهاتف تلقاه دادس من جهات عليا، وأنه تم تعويضه بقائد المقاطعة الحضرية الخامسة في الفترة ما بين 11 و24 يونيو، وأضاف أن الباشا وجهت إليه تهمة الانحياز إلى أحد المرشحين من طرف وكيلي حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والأصالة والمعاصرة، كما أشارت مصادر أخرى من داخل العمالة إلى أنه تم التنصت على هاتفه النقال أثناء محاورته المرشح المزعوم، وأن هناك صورا التقطت له مع ذلك المرشح. الغريب في واقعة عزل الباشا قبل نقله لشغل منصب رئيس الدائرة مؤقتا، وتعويضه بمحمد العطياوي رئيس الدائرة، أن وكيلي لائحة حزبي الوردة والجرار ينفيان أنهما وضعا أية شكاية ضد الباشا، بل إن أحدهما أشاد بخلق ونزاهة الباشا المعزول. والأغرب من ذلك أنه مر على عزل الباشا شفويا حوالي أسبوعين، دون أن تحل أية لجنة من أجل التحقيق في الموضوع، ودون أن يتوصل الباشا بأية وثيقة كتابية تفيد ما وقع له وما هي أسبابه الحقيقية. وأوردت مصادرنا احتمال أن يكون القرار الشفوي الذي اتخذه عامل عمالة المحمدية في حق الباشا كان متسرعا، وأنه ربما لم تكن لدى الجهات العليا التي أصدرت القرار أية قرائن واضحة، مما جعل الوزارة الوصية محرجة في كيفية التعامل مع الباشا الذي تم تعينه مؤقتا كرئيس دائرة، في انتظار أن تشمله الحركة الانتقالية المرتقبة، والتكتم على الخطأ الذي أقدمت عليه جهات عليا بوزارة الداخلية ونفذه شفويا عامل عمالة المحمدية. مصدر مقرب من الباشا نجيم أكد ل«المساء» أن الأخير لم يعد يعرف شيئا مما يحاك ضده، وأنه طالب غير ما مرة بفتح تحقيق، والإدلاء بالحجج والقرائن التي كانت وراء عزله من منصبه، وأنه مستعد لأية محاكمة عادلة، مشيرا إلى أنه وبحكم منصبه الحساس ووضعه الذي لا يمكنه من طرق أبواب حقوقية وإعلامية، جعله يعيش جحيما وكابوسا لم يعشه منذ توليه رئاسة باشوية المدينة قبل أربع سنوات.