سجل عبد القادر الشنتوف، قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط المختص في قضايا الإرهاب، أول ظهور علني له أول أمس، مما أثار فضول الكثيرين الذين حضروا اللقاء الذي نظمته هيئة المحامين بالرباط لمناقشة كتاب جديد حول جرائم الإرهاب للباحث الطاهر عطاف، عضو الهيئة المشار إليها. وفضل الشنتوف عدم الخوض في الموضوع بشكل مباشر، ربما لكي لا يثير ردود أفعال الحاضرين من هيئة الدفاع بالرباط وفي الإعلام الوطني، خصوصا وأن اسمه ارتبط بأكثر الملفات المرتبطة بالإرهاب، سواء داخل المغرب أو في إسبانيا، وحقق مع الكثير من المتهمين والمعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب. واقتصر كلام الشنتوف على إثارة قضايا جانبية داخل الكتاب، موضوع اللقاء، مكتفيا بالحديث عن المؤلف ومنهجيته في التأليف، وقال إن تعريف الجريمة الإرهابية محل خلاف بين عدة دول ومن أكثر المواضيع إثارة للجدل في العلاقات الدولية بسبب تجاوزه للحدود الوطنية، مضيفا أنه بينما تعتبر بعض الدول جريمة معينة جريمة إرهابية تعتبرها دول أخرى جريمة سياسية. ويشار إلى أن الشنتوف انتهى من وضع كتاب جديد يتضمن مذكراته القضائية بخصوص بعض الملفات التي حقق فيها. وقال حسن يحيى، الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، في مناقشته لكتاب الطاهر عطاف «السياسة الجنائية في مجال مكافحة الإرهاب»، إن الكتاب يفتح النقاش في موضوع حساس لا زالت السلطات في المغرب تبحث عن توحيد الرؤية فيه. وتساءل عما إن كان البحث في الجريمة الإرهابية يتم بتعليمات من وزارة العدل أم وفق مقتضيات قانون مكافحة الإرهاب الذي صادق عليه المغرب عقب تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003. وكشف يحيى أن خلية خاصة تشكلت داخل محكمة الاستئناف بالرباط بعد صدور القانون المذكور، عهد إليه بالإشراف عليها، كان دورها هو متابعة عمل الضابطة القضائية في جميع محاكم المغرب في ما يتعلق بقضايا الإرهاب، بحيث إن كل جريمة تقع في أي منطقة من المغرب ترفع إلى تلك الخلية لتحديد طبيعتها وما إن كانت تدخل في نطاق الجريمة الإرهابية، بتنسيق مع وكلاء الملك في المناطق التي تقع فيها تلك الجرائم. وقال حسن يحيى إن القضاء المغربي يتحمل المسؤولية في هذا الموضوع لأن الهيئة القضائية لا تتواصل مع الجمهور والصحافة والرأي العام لتوضيح المواقف. وتساءل يحيى عما إن كان قانون الإرهاب الحامل لرقم 03-03 قانونا استثنائيا لجرائم استثنائية، ثم نفى ذلك مؤكدا أن القانون المذكور ليس استثنائيا، لأن القانون الاستثنائي ينظر فيه قضاء استثنائي مثلما هو الحال في مصر، بينما الجريمة الإرهابية في المغرب تعتبر جريمة عادية يتم النظر فيها وفق نصوص عادية، مؤكدا في نفس الوقت، في إطار تعريفه للجريمة الإرهابية، أن هناك جرائم لا ينطبق عليها هذا التعريف، لكن خطرها يكون أكبر على الأمن العام، وقال: «ما نقوم به في السنوات الأخيرة ليس هو مكافحة الجريمة الإرهابية بل الوقاية منها، وهذه هي السياسة الجنائية التي ينهجها المغرب». واعتبر الدكتور أحمد عبادي، أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء، الذي أثار حضوره إلى جانب عبد القادر الشنتوف اهتمام الحاضرين، أن أهمية كتاب الطاهر عطاف تكمن في كونه يطرح أسئلة كثيرة على موضوع لم ينته حوله النقاش في البلاد، موجها إشارات تستفاد منها دعوته إلى مغادرة مناخ الاحتقان والتخوف الذي ساد المغرب منذ تفجيرات 16 ماي 2003. وقال عبادي إن القضايا الإرهابية تتداخل في تفسيرها مستويات عدة، منها ما هو ثقافي ومنها ما هو اجتماعي وديني وقانوني وسياسي، وأكد على أهمية التأصيل المعرفي لهذا الموضوع مثلما كان يفعل علماء المسلمين الأولون الذين يجمعون القرائن والأدلة العلمية قبل البحث.