قال لي وهو يشاهد واحدة من صور الشغب : هل نحن مرغمون على أن نكسر واجهات المحلات، والحافلات كلما انهزمنا وكلما انتصرنا؟ هل نترجم الفرح والغضب بالتكسير؟ هل نحتاج دائما إلى حراسة خاصة، إلى سياسة قمعية (باش ندخلو سوق راسنا)؟ كيف يمتزج عندنا الفرح بالغضب؟ و لماذا يجد المتفرج المتعصب متعته على حساب تعاسة وخسائر الآخرين؟ كنت أعرف أن زميلي لا يهتم كثيرا بالرياضة، كنت أعلم أنه لا يحفظ عشقا لأي ناد معين.. ولكنه يكره شيئا وحيدا اسمه الشغب الرياضي.. يكره أن تتحول الكرة إلى مصدر لأوجاع الآخرين.. يرحل الجمهور إلى الملعب ليكسر المقاعد، ويحدث فوضى غير مبررة، وكم من مشجع ذهب إلى الملعب ليوقع أحيانا على خلاصه.. الرجاء، احتفل يوما بلقبه التاسع.. أهدى جمهوره لحظة للفرح، ولكن هذا الجمهور خرج إلى الشارع بعد طقوس الاحتفال.. ليدمر ويكسر كل ما يجده أمامه.. وكأنه ملزم بفعل ذلك للتعبير عن فرحه حينا، وعن غضبه حينا آخر.. لأن الغالبية الساحقة من جمهورنا هم عبارة عن مراهقين يستهويهم البحث عن المشاكل، ويستعرضون عضلاتهم على (الطوبيسات).. متى سنتعلم ثقافة التشجيع؟ ويصبح عندنا مشجع منظم يعرف ماله وما عليه، ولو أني أعرف أن أغلبية المشجعين لا يشاهدون المباراة، يتعرفون على النتيجة فقط.. وربما قد يختلط على البعض منهم معرفة الفريق الفائز، خاصة مع انعدام سبورات إلكترونية تنقل الوقت والنتيجة.. فصاحب الطبل يعطي ظهره للملعب ومعه العشرات ليخاطبوا الجمهور بأغان ومواويل رياضية.. «ماعارفينش آش كيدور فالتيران» همهم الوحيد هو البحث عن لحظات متعة، قد يأتي التعبير عنها بصيغ مختلفة.. فبرغم الملصقات والشعارات، لازال الجمهور المغربي يفتقد العديد من خصوصيات التشجيع العقلاني.. والأمر لا يتعدى أن يكون عاملا نفسيا تتداخل فيه مبادئ التربية ونمطية التشجيع.. ونهج خالف تعرف.. ولو أني أفضل لو أن بعض أنديتنا الكبيرة عملت على خلق فضاءات في ملاعب التدريب لتعليم أصول التشجيع الرياضي الذي يبتعد عن الشغب، عنوانه المثير الروح الرياضية.. نكون من خلالها جيلا جديدا من المشجعين الذين يحترمون فريقهم وخصومهم، وممتلكات الغير.. حتى لا تصبح الرياضة فضاء للتخريب.. ويضطرنا لقاء رياضي إلى استنفار أمني.. وحراسة مضاعفة وكأننا نستعد لحرب رياضية.. وظاهرة العنف والتخريب ليست حكرا على المغاربة وحدهم فقط.. ففي دول أخرى يأخذ الأمر شكلا آخر أكثر حدة، يصبح معه استعمال خراطيم المياه حلا ضروريا لتفرقة كل المتظاهرين.. هكذا تعلم الجمهور الرياضي أن يعبر عن الفرح والغضب.. وقد نحتاج معه لجلسات في علم النفس.. لمحاضرات وندوات لننقل له الصورة الأخرى عن المشجع المثالي الذي يفرح بأدب، ويغضب بأدب.. لا يترجم فرحه بالفوضى، ولا تدفعه الهزيمة إلى شغب مرفوض. فهل نحن فعلا جمهور «هرس دكدك»؟ كذبوني من فضلكم!