- لماذا هذه الصورة القاتمة التي رسمها تقرير «أمنستي» لسنة 2009؟ < إنها فعلا صورة قاتمة فرضتها مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي حولت العالم إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت. فإذا كان العالم اليوم يستثمر الأموال الطائلة في النمو الاقتصادي، فإنه ينسى أن الاستثمار الحقيقي لضمان السلام والعدالة والاستقرار في العالم، هو الاستثمار في مجال حقوق الإنسان. ولكننا للأسف نرى عكس ذلك، حيث وباسم مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية، أصبحت حقوق الإنسان تحتل المراتب المتأخرة ضمن أولويات الدول، بل إن العديد من الحكومات واجهت الاحتجاجات ومظاهرات نشطاء حقوق الإنسان من محامين وصحافيين ومناضلي حقوق المرأة، بالتضييق عليهم وأحيانا باستعمال العنف ضدهم في أكثر من مكان. لذلك فإننا ندعوا العالم وأثرياء العالم، بالخصوص، ومنهم مجموعة العشرين الأكثر ثراء في العالم، إلى الاستثمار في مجال حقوق الإنسان بالقدر الذي تستثمر في النمو الاقتصادي، وإلا فإن العالم سيظل مهددا في أية لحظة بانفجار قد تكون تداعياته خطيرة على كافة المستويات. - ما هي الوضعية الحقوقية بالمغرب ضمن التقرير؟ < بالمغرب سجلنا الكثير من بواعث القلق، سواء تعلق الأمر بحرية التعبير كالتضييق على الصحافيين والمدونين الشباب، أو في ما يتعلق بالحريات العامة في تأسيس الجمعيات وفي الأنشطة العامة، كما يحدث مثلا من خلال التضييق على الممارسة السياسية لبعض الجمعيات كالعدل والإحسان، كما سجلنا أيضا تقاعس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، خاصة في ما يتعلق بالملفات العالقة بالنسبة لضحايا الاختفاء القسري، بحيث لازالت العديد من عائلات هؤلاء الضحايا تنتظر الكشف الكامل عن مصير أبنائها. كما أن التقرير سلط الضوء كذلك على ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة، وهي الظاهرة المتفشية في المجتمع المغربي رغم وجود سياسة حكومية في هذا المجال، إلا أننا مع ذلك نظل في بداية الطريق. - ما هي توقعات منظمة «أمنستي» حول مستقبل العالم في ظل استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية؟ < كما أسلفت، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت في الوقت الراهن قنبلة اجتماعية وسياسية ينام العالم عليها ويصحو، وهي قابلة للانفجار في أية لحظة، لكنها قبل كل شيء هي أزمة حقوق الإنسان على المستوى العالمي، لذلك فلابد من مساءلة الحكومات، وهذا لن يتأتى إلا بتكوين مواطنين متبصرين يستطيعون محاسبة حكوماتهم، من أجل تغيير أوضاعهم إلى الأحسن، وفي هذا الإطار فإن المسؤولية الأولى والأساسية، بقدر ما هي تلقى على الحكومات، فإنها تلقى كذلك على المواطنين العاديين، المدعوين إلى بذل المزيد من الجهود وإلى حشد طاقاتهم من أجل الضغط على أصحاب القرار، والمساهمة بالتالي في تغيير الوضعية القائمة وتعزيز مجال الحريات والحقوق على كافة الأصعدة.