يبدو أن رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، أصبح الشخصية السياسية الأكثر ملاحقة من طرف وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية بشكل يطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك. فما إن انتهت من ملاحقته جريدة «لا ريبوبلكيا» في قضية خلافه مع زوجته فيروناكا بسبب فضيحة علاقته المشبوهة بالحسناء الإيطالية نوامي، حتى لاحقته جرائد إيطالية أخرى، وعلى رأسها جريدة «إلكورييري ديلا سيرا» التي نشرت، في الأسبوع الماضي، تفاصيل وملفات تخص قضية المحامي ميلس وقضايا أخرى تتعلق بالفساد المالي والسياسية المتورط فيها. ثقافة متابعة خطوات أغرب رئيس وزراء في تاريخ إيطاليا وأوربا أصبحت تتبناها حتى جرائد أخرى خارج الحدود لتفجر الصحيفة الأولى بإسبانيا «إيل باييس»، يوم الجمعة الماضي، قنبلة شديدة الانفجار زعزعت وبقوة الجدران التاريخية ل«بلاتسو كيدجي» (مقر الحكومة الإيطالية) عندما نشرت على صفحتها الأولى، في نسختيها الورقية والإلكترونية، خمسة صور محظورة بإيطاليا لحفل سري أقامه برلسكوني قبل سنة بفيلته بجزيرة ساردينا صحبة نظيره التشيكي وعدد من الشخصيات السياسية كانت (حسب الصور) برفقتها حسناوات إيطاليات وأجنبيات في وضع مخل بالأدب. اليمين الإيطالي اعتبر نشر الصور فضحية وخسارة بكل المقاييس لتجمعه «شعب الحرية» في وقت يتوجه فيه الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار 72 برلمانيا إيطاليا لتمثيلهم في البرلمان الأوربي وأيضا لاختيار من سيشرف على تسيير مجالسهم البلدية والإقليمية. أمام هذا الوضع المحرج، سارعت أبواق برلسكوني، عبر قنوات ميديا سات وبعض الجرائد اليمينية، إلى اتهام اليسار الإيطالي بالوقوف وراء نشر صور شخصية لرئيس الوزراء، معتبرة ذلك مؤامرة مدبرة بإحكام مع جهات يسارية بالداخل والخارج لإضعاف صورة اليمين الإيطالي في الانتخابات الأوربية والإدارية الإيطالية التي فتحت صناديق اقتراعها يوم السبت الماضي. لكن فشل هذه الأبواق في إيصال فكرة المؤامرة المدبرة إلى الإيطاليين جعل برلسكوني يخرج عن صمته وصوابه ليرفع دعوى قضائية ضد «إيل باييس» وليكرر اتهامه للإعلام الأجنبي بالتعاطف مع اليسار الإيطالي في التآمر ضده، فقد كان هو نفسه، في بداية الشهر الجاري، مضطرا إلى مهاجمة جريدة «التايمز» اللندنية بعد نشرها مقالا عنونته ب«سقط القناع عن المهرج برلسكوني» لتتناول فيه قضايا الفساد التي يتورط فيها بعد تأكيدها أن تراجع إيطاليا اقتصاديا واجتماعيا سببه اليمين الإيطالي وسيلفيو برلسكوني. وفي الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الإيطالي ويمينه منشغلين بالصور التي نشرتها «إيل باييس» وبمقالات التايمز، تلقى ضربة موجعة جديدة قادمة هي الأخرى من إسبانيا بعد أن قام الحزب الاشتراكي الإسباني بإقليم كتالونيا بنشر ملصقات تروج لأفكاره في حملته الدعائية للانتخابات الأوربية تتضمن صورا لزعماء يمينيين رحلوا عن سدة الحكم (بوش، شيراك، أزنار، كاتشينسكي) تتوسطهم صورة سيلفيو برلسكوني الذي اعتبره الاشتراكيون الإسبان آخر يميني يحكم بلدا ديمقراطيا وكان مسؤولا عن الأزمات والتراجع الذي تعيشه إيطاليا أوربا.