«قبل 13 سنة وبالضبط ما بين سنتي 1996 و1997، قامت مجموعة شركات «فينيفيست» المالية التي يمتلكها سيلفيو برلسكوني بمنح المحامي الإنجليزي دافيد مليس مبلغ 600 ألف دولار مقابل إدلائه بشهادات زائفة وتقديم أوراق مزورة للشرطة المالية الإيطالية عن نفس المجموعة لتمكينها من التهرب من تأدية ضرائب بملايين الدولارات للخزينة العامة الإيطالية». كانت هذه رواية النيابة العامة والشرطة المالية الإيطاليتين معززة بحجج ودلائل أدانت في الأسبوع الماضي المحامي السابق لسيلفيو برلسكوني دافيد ميلس بالفساد والرشوة لتصدر محكمة روما في حقه حكما بأربع سنوات وستة أشهر حبسا. الخبر أو الفضيحة، كما وصفه بذلك اليسار الإيطالي المعارض، نزل كالماء البارد على اليمين الحاكم وبشكل خاص على رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني الذي لم يجد إلا وسائل الإعلام التي يتحكم فيها لتبرير موقف المحكمة الإيطالية من قضية محاميه السابق ميلس ولتبرئة نفسه ومجموعة شركاته «فينيفيست» من جميع التهم الموجهة إليهم، والتي اعتبرها تلفيقا له ومحاولة لزعزعة صورته لدى الإيطاليين. برلسكوني وحتى يقنع الجميع، خصوصا السياسيين الإيطاليين، بأن هناك جهات يسارية بإيطاليا تحاول الإيقاع به في إطار ما وصفه بالمؤامرة المحبوكة، أعلن عن نيته عرض تفاصيل قضية ميلس والحكم المنطوق فيها أمام أعضاء مجلس النواب الإيطالي في جلسة خاصة، مؤكدا أن الدستور الإيطالي يخول له ذلك لأن الموضوع يمس بشخص رئيس وزراء إيطاليا ويهدد مستقبله السياسي، على حد قوله. من جهته، اعتبر اليسار الإيطالي طرح برلسكوني للقضية على البرلمان مساسا بقدسية هذا البرلمان وإهانة لأعضائه وللشعب الإيطالي بصفة عامة، فسارع زعماؤه إلى رفض الفكرة ليطالبوا سيلفيو بالمثول أمام المحكمة لتستمع إلى أقواله بخصوص الحكم الصادر في حق محاميه ميلس عوض جرد تفاصيل القضية أمام أعضاء مجلس النواب بالبرلمان الإيطالي. واتهم رئيس المعارضة الإيطالية والحزب الديمقراطي فرانتشيسكيني رئيس الوزراء باستغلال المؤسسات العمومية والدستورية الإيطالية لتحقيق أغراض ومصالح خاصة، في وقت طالب فيه رئيس حزب «إيطاليا القيم»، أنطنيو دي بييترو، برلسكوني باحترام القانون والإيطاليين على حد سواء والمثول أمام المحكمة للرد على التهم الموجهة إليه بخصوص قضية ميلس وقضايا أخرى يتهم فيها بالفساد المالي والسياسي. ويذكر أن القضاء الإيطالي فتح التحقيق في 20 قضية فساد مالي وسياسي يتورط فيها برلسكوني وشركاته على مدى ال15 سنة الأخيرة، وعلى رأسها قضايا مثل «إبريان الأولى والثانية» التي يتهم فيها رئيس الوزراء الإيطالي بتقديم رشاوى لعدد من سياسيي اليمين الإيطالي لمساندة حزبه «فورتسا إيطاليا» في الانتخابات السياسية والجهوية التي تعرفها إيطاليا، وقضيتا «ميدوزا» و«تيلي سينكو» اللتان تشتم فيهما رائحة التهرب من الضرائب، إضافة إلى قضايا أخرى يتهم فيها برلسكوني وبشكل شخصي بالاتجار بالمخدرات وربط علاقات مع عصابات المافيا. ورغم كل هذا الكم من التحقيقات والقضايا التي يتورط فيها برلسكوني فإن القضاء الإيطالي يبقى عاجزا عن إدانته ليبرئ ساحته من بعضها ويحفظ أخرى في أرشيفاته لغياب الدلائل.