مزيج بين الفرحة والحزن والأمل والألم والحب والكراهية عرفته إيطاليا نهاية الأسبوع الماضي، فقد احتفل الإيطاليون يوم الأحد الماضي بعيد الفصح في جو خيمت عليه الأزمة الاقتصادية الخانقة وزلزال جهة أبروتسو، الذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من 293 شخصا. مؤسسة «إيستات» الإحصائية ومعها مؤسسات مالية أخرى أكدت جميعها أن إقبال الإيطاليين على اقتناء الحاجيات والهدايا المتعلقة بالعيد كان ضعيفا جدا وكبد عددا من الشركات الإيطالية خسائر كبيرة، خصوصا الشركات المنتجة لبيضة عيد الفصح (بيضة من الشكلاطة توضع بداخليها هدايا) التي لم تتمكن من بيع كل ما أنتجته للعيد، لكن وسائل إعلام إيطالية مختصة بالشؤون الاقتصادية أوضحت أن الأزمة المالية والكساد الذين تعرفهما إيطاليا لم يمنعها 8 ملايين إيطالي من قضاء عطلة العيد خارج منازلهم وبعيدا حتى عن إيطاليا. نفس وسائل الإعلام كشفت أن الإيطاليين يتضامنون بشكل كبير أثناء الأزمات لتؤكد أنهم تبرعوا بسخاء لصالح ضحايا الزلزال، الذي ضرب وسط إيطاليا وهدم البنيات التحتية ل26 مدينة بجهة أبروتسو، لكنها لم تسلط الضوء على تبرع الجالية المغربية، والإسلامية بصفة عامة، والتي خصص بعض من مراكزها الإسلامية يوم الجمعة للتضامن ماديا وبالدم لصالح ضحايا الزلزال، وفتحت أخرى بوسط إيطاليا لاستقبال من هدمت منازلهم مع إرسالها الأدوية والطواقم الطبية إلى الجهات المنكوبة. التبرع كانت قنواته مختلفة ومتعددة، فقد فُتحت عدد من الأرصدة البنكية من طرف الحكومة الإيطالية والقنوات التلفزية، وعلى رأسها مجموعة قنوات «ميديا سات» التي يمتلكها سيلفيو برلسكوني، وحتى الجمعيات الإنسانية والمؤسسات الخيرية كان لها نصيب في جمع التبرعات، إضافة إلى شركات الاتصال التي منحت الراغبين في التبرع رقما هاتفيا لإرسال «SMS » يتحول إلى اثنين يورو، ومع مرور الوقت وتراكم الرسائل إلى ألف ثم إلى مائة ألف إلى أن تنضاف إلى الرقم ستة أصفار أخرى ويصبح المبلغ بملايين اليوروهات. في هذا الإطار حذرت عدد من الأصوات الإيطالية من استغلال الكارثة لتحقيق أغراض سياسية وأرباح مالية ضخمة على حساب الضحايا والمتبرعين، مطالبة بتكثيف المراقبة لمعرفة مآل أموال الإيطاليين. النداء تمت الاستجابة إليه بسرعة كبيرة لتلقي السلطات الأمنية بجهة أبروتسو القبض على عدد من الإيطاليين والأجانب استغلوا الزلزال لسرقة ممتلكات السكان الذين تركوا منازلهم خوفا من أن تسقط عليهم ومن عودة هزات أرضية أخرى. في المقابل، رفضت حكومة سيلفيو برلسكوني أي مساعدات من دول أخرى، لكنها استغلت الوضع ليبدأ وزيرها في الشؤون الأوربية رونكي في إعداد تقرير مفصل عن أضرار الزلزال ويطالب مؤسسات الاتحاد الأوربي بمساعدة مالية بمئات الملايين من اليورو، لإعادة إعمار المدن المتضررة بوسط إيطاليا. وودعت إيطاليا وسكان جهة أبروتسو، يوم الخميس الماضي، في حفل جنائزي مهيب ضحايا الزلزال لتنطلق المراسيم الجنائزية من مدينة أكويلا، التي اصطفت بأكبر ميدان فيها التوابيت ال209 لضحايا الكارثة في حضور رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو وغالبية أعضاء الحكومة الإيطالية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني، إضافة إلى رئيسي مجلسي الشيوخ والنواب سكيفاني وفيني. وقبيل انطلاق المراسيم الجنائزية بساعات، سجل مركز الزلازل الإيطالي هزات أرضية جديدة بوسط إيطاليا وصلت إحداها إلى 5 درجات على سلم ريختر لتحدث هلعا بين سكان المنطقة وتعلن حالة الطوارئ من جديد. ووصل ضحايا زلزال أبروتسو إلى 293 قتيلا وأكثر من ألفي جريح و70 ألفا بدون مأوى غالبيتهم يقيمون إما في خيام نصبتها السلطات الإيطالية أو في سياراتهم.