لم يحلم والد أمين حدود أن يقلب ابنه معادلة العائلة البعيدة عن السياسة وتجاذباتها ويرسم مسيرته في الانتخابات الجماعية للثاني عشر من يونيو الجاري. بمحله الخاص بتصميم الأحذية، يتابع الوالد ابنه مع المتطوعين للحملة الانتخابية بمقاطعة الفداء بالدار البيضاء لفائدة حزب التجديد والإنصاف الذي يحمل شعار التفاحة. رغم أن سنه لا يتجاوز 21 سنة، فإن أمين حدود يعتبر عضوا قياديا في حزب التجديد والإنصاف الذي انضم إليه قبل ثلاث سنوات، كما يشغل عضوية المنسقية الجهوية للحزب بالدار البيضاء، وتقدم بوضع ترشيحه في الانتخابات منذ يناير الماضي، وصوت أعضاء الحزب في انتخابات داخلية لفائدة ترشيحه. في سنوات الطفولة، استهوت الجرائد الطفل أمين، ولم يتردد في تصفحها وقراءتها بشكل منتظم، ومع مرور السنوات، انتبهت عائلة حدود إلى أن ابنها يفضل متابعة البرامج السياسية التلفزية. «يعمل والدي مصمما للأحذية ووالدتي ربة بيت، لا يهتم أي واحد من أشقائي الخمسة بالسياسة، لذا فأنا نموذج خاص في أسرتي لكن الجميع يشجعني» يردد أمين ويتابع: «أنشأت بحي عين الشفاء 3 جمعية الكرامة ذات الأهداف الاجتماعية والثقافية والرياضية، وأسسنا بعدها جمعية المنامة لنفس الأهداف» يقول أمين. بعد أن حصل على شهادة الباكالوريا في شعبة العلوم التجريبية، اختار أمين دراسة التسيير الإداري، ليحصل على شهادة تقني متخصص، وبعد فترة عمل قصيرة بإحدى المؤسسات الكبرى، قرر ابن مرس السلطان أن يفتح مقاولة معلوماتية صغيرة برأسمال صغير، وينوي خلق شبكة للمقاولين الشباب لتنظيم أنشطتهم وخلق فضاء للعمل المشترك بينهم. ظهرت معالم فوز أمين بمرتبة وكيل اللائحة منذ شهر أبريل الماضي، وتطلب إعداد مرشحي اللائحة التي ترشح فيها حوالي شهرين، وينتمي كل المرشحين إلى منطقة الفداء مرس السلطان، وتحتل اللائحة حدود المرتبة العاشرة في وضع اللوائح في الدائرة الحضرية. بالسيارة التي تطوع أحد الأساتذة بتسليمها إليه، يتنقل أمين داخل أحياء مقاطعة الفداء ونجح في التواصل مع 400 شاب، والتقى بتلاميذ الثانويات وناقش معهم مجريات امتحانات الباكالوريا وامتحانات المدارس بعد النجاح..«يكفيني أن يصوت علي 50 في المائة من الناس الذين ألتقيهم في الحملة وأن أنجح في ترسيخ صورة المرشح الشبابي في الحي» يعلق أمين. تطوع للعمل مع أصغر وكيل للائحة على الصعيد الوطني 52 شابا، يتواصلون رفقة أمين مع أبناء الحي الشباب في المقاهي ودور الشباب. لا يؤمن حدود سوى بمبدأ واحد: «الشباب هم العمود الفقري للمجتمع، لذا هدفي من ترشحي في هذه الانتخابات هو تعزيز موقفهم داخل المجتمع، وأنا أؤمن بأن الشباب هم منظار المستقبل بلا حدود». في الانتخابات التشريعية 2007، تقدم أمين بوضع ملفه وكيلا للائحة برلمانية في عمالة برشيد بدائرة الدروة، أبلغه المسؤولون أن سنه مازال صغيرا ولا يخول له الترشيح في الاستحقاقات الانتخابية، واستمرت الفكرة لديه ولم تفارق باله، وازداد إصراره لخوض تجربة الانتخابات الجماعية كيفما كان الثمن..في حالة انتخابه، ينوي حدود تبسيط المساطر الإدارية لفائدة الشباب الذين يقصدون الجماعة لإنجاز وتحرير معاملاتهم الإدارية ويصطدمون بواقع الرشوة، «عندما يجد شابا في مثل سنه في الجماعة سيتواصل معه بشكل أفضل وسيتعرف على مشاكلهم عن قرب» يوضح مرشح حزب التفاحة. تلقى أمين في شهر دجنبر الماضي، عروضا من أحزاب سياسية للانضمام إلى لوائحها بتعويضات مالية كبيرة ليكون الرقم الثاني في اللائحة بعد أن تبين لأعضاء تلك الأحزاب دينامية الشاب أمين وأنشطته الجمعوية في أحياء الدائرة الحضرية، لكن لم تلاق تلك العروض موافقة أمين الذي رفضها بشكل مطلق، وبرر الأمر بقناعته الراسخة أنه صوت للشباب ولن يبيع مبادئه ونزاهته بالمال، خسارته أو فوزه تعد بالنسبة إليه مكسبا لمنطقته، لن تثنيه عن مواصله اشتغاله مع الشباب في الفضاءات الجمعوية بالدار البيضاء. يصرح حدود بابتسامة عريضة: «في مواجهة أحزاب كبرى، نجحت في وضع اللائحة في وقت قياسي، هذا انتصار سيقوي ثقتي بنفسي ويعكس أن الشباب بحاجة إلى فرصة للمشاركة في تدبير الشأن العام».