حينما تنفث الدخان من منخرك مثل فُرن قديم، هي تتوعدك في داخلها بانتقام شديد. أنتَ مغرم بها لا تقوى على فراقها، والناس لسوء سمعتها يبغضونها. تلجأ إليها كلما تقلب مزاجك، وكلما حاولْت فراقها تسلبك إرادتَك. تخصص لها ميزانية من مالك، وهي غادرة، تحترق شغفا لإذايتك. اللعينة وشمَتْ على ظهرها تحذيرا من عواقب حُبك ! (التدخين مضر بالصحة قرار رقم...). تغادر الحانة في منتصف الليل مترنحا تتبول على الحيطان، وتلعن الناس في زمن النفاق والبهتان. يروجون للخمور في المجلات، ويوفرونها في المتاجر والحانات، وبعد سكْرتك تستضيفك دورية الشرطة لتبيت في قبْو مقزز وبارد، حتى تستفيق من غيبوبتك منهكا ونادما على حالك. تهدر أموالك في القمار، وتحفظ أسماء الخيول وكل «طوكار». تحلم «ربْحة العمر» لتعوضك الفقر والحرمان، فتقع في دوامة، تتجرع كؤوس المآسي والخسران. كنتِ طرية وجميلة لما استهوتك حلاوة الحياة، فغرر بك الذئاب حتى صرت جسدا بلا إحساس وقلبا بدون مشاعر. جعلوك حرة في سجن بلا أسوار، وأوهموك بحلاوة الحنظل وسَرْمدية الشباب. فيا ترى هل يخضر عود المحمل أو تحيى الزهور بعد أن تجز بالمنجل؟ إن كنت تتعاطى التدخين والمخدرات، أو تأتي الرذائل أو القمار، فإنما تساهم في اغتناء تُجار الموت والدمار. زبؤنهم من كل الفئات والأعمار، ويربحون الملايين من الأورو والدولار، ثم يُبيّضونها في المشاريع والعقار. والمغفلون لا يجدي فيهم نُصح ولا إنذار. فهم في سُبات كالموت لا يستفيقون ولو بركلة حمار.