بما يشبه الموت الرحيم الذي كان ينتظره الجمهور المغربي مع توالي الحلقات، أسدل الستار هذا الأسبوع عن النسخة الثانية من برنامج «كوميديا» بمنح الشاب الصحراوي باسو لقب أحسن كوميدي في السنة التلفزيونية. تتويج بطعم الاستخفاف بشاب مغربي مجاز كان حريا أن يتبوأ فضاء آخر غير فضاء التهريج والضحك على ذقون المشاهدين، دون قيم مضافة، باستثناء عشرة ملايين سنتيم التي منحت له. وكان حريا بدرجة ثانية، أكثر إلحاحا، ألا يستفز البعض المتلقي بدفاعهم عن برنامج يتمسح ب«الكوميديا» ويصر على كونه «كوميديا» دون إفساح المجال للمعارضين والمنتقدين، ودون أدنى وعي منهم بمرجعية هذا المفهوم وأصوله ورموزه اليونانيين. خير دليل على ذلك الاستخفاف أحكام القيمة التي كانت تطلقها أمينة رشيد التي يعرف الجميع المسافة التي تبعدها عن الكوميديا، وهي كذلك المسافة التي جعلتها في «كوميديا» تطلق العنان لما كتب لها بعناية في ورقة التقييم وتتحدث عن تقييم خارج الزمان والمكان صالح لكل الكوميديين، دون استثناء، من قبيل، لا الحصر: «ماخيبتيش فيك المظنون». استخفاف نال من الجمهور ما نال، حينما يحاول الخياري أن يتموقع في ثلة النقاد وفقهاء المفاهيم، ومنظري المدارس الإبداعية، حينما يقول لشاب إنه يمثل مدرسة كوميدية خاصة وأخرى قائمة الذات، أو حينما يسمح لنفسه بالحديث عن تاريخ الكوميديا بالمغرب بالقول لمرشح: «أنت أول شخص يجسد هذا اللون أو هذا الجنس»، دون أن يدرك أن هذا التاريخ له مؤرخوه. ووصل الاستخفاف مداه، حينما قال الخياري في حق ياسين زيزي، وكم تمنى من تابع مسار ياسين زيزي ألا يقول ذلك: «راه زيزي قبل من هاد الشي كان تيربي البكر». قول خياري غريب، يفتح المجال للتفكير مليا عن أي «كوميديا» نتحدث ومع أي كوميديين نتحاور؟ وبعيدا عن كوابيس «كوميديا» أكدت أخبار آتية من قناة عين السبع، أن سعيد الناصري يعد العدة لتقديم سلسلة «نسيب السي عزوز»، وقالت المصادر إن زعيم «الباندية» حاول إقناع الزجال الطيب لعلج بالاشتغال معه، إلا أن تدخل أبناء الأخير، حال دون ذلك. قيل كذلك والعهدة على الراوي أن الناصري لجأ إلى ملكة جمال لتشاركه جمال اللحظة التي يقبض فيها على 500 مليون سنتيم، نظير عمل تلفزيوني جديد، بعد غياب دام عامين، بعد فضيحة «العوني» و«الربيب». ولدار البريهي أخبارها وظواهرها كذلك، فقد أسر مصدر مقرب من شركة «إيفنمينت بيبليك» أنه بعد إقناع سعيد آزر -بصعوبة- بإخراج سلسلة الكيشي، لم تنجح مساعي قسم إنتاج العلمي الخلوقي، في ثني محمد الجم-مع الاتفاق أو الاختلاف في قدرته على الإبداع- عن فكرة رفض المشاركة في السلسلة، خوفا من ردة فعل الجمهور المغربي، التي يمكن أن تحدث بعد مرحلة البث. وإذا ما صدق تقييم تجربة «كوميديا»، وإذا ما صدقت الأخبار الآتية من ثانية «سليم» وأولى «الخلوقي»، فالأكيد أن «كوميديا» المغاربة النقية لازالت بخير، وأن لكل ظاهرة مهما كانت درجة رداءتها وتأثيرها مقاومة عصية التجاوز وأن المتلقي المغربي لن يتم القفز على ذكائه بتقادم السنين أو تمويه المنتجين أو إصرار مسؤول على تكريس نموذج أحادي للكوميديا، دون مسؤولية أو إحساس أو وعي أن للتلفزيون سلطة تتجاوز المعطى المادي الذي يفرض المحاسبة أو المتابعة إن اقتضى الأمر.