يكاد يجمع قياديون سياسيون على أن خطوة حزب الأصالة والمعاصرة، القاضية بسحب دعمه للحكومة الحالية، قد يجعلها تستمر بأقلية، مشيرين إلى أن مثل هذه الخرجات لحزب الهمة أصبحت معتادة ولا تشكل مفاجأة بالنسبة للمشهد السياسي الوطني امحند العنصر : الأمين العام للحركة الشعبية إمكانية استمرار حكومة ذات أقلية لحد الآن لا تتوفر لدينا بالحزب أي معطيات توضح بشكل جيد الأسباب الحقيقية والخلفيات التي كانت وراء إقدام حزب الأصالة والمعاصرة على سحب دعمه للحكومة وانتقاله إلى المعارضة، وكل ما نتوفر عليه هو ما طالعتنا به الصحف الوطنية. وعموما فإن حكومة أقلية معمول بها في دول أخرى، مع التذكير بأن حزب الأصالة والمعاصرة يمكن القول بشأنه إنه لم يكن مشاركا في الحكومة، لأن الوزير المنتمي إليه كان وزيرا حتى قبل مجيء الفاعل السياسي الجديد، وإذا ما تمت إقالته أو استقال من مهامه، فإن ذلك لن يغير الكثير من تشكيلة الحكومة. وبصفة عامة فإنه سيكون من السابق لأوانه إعطاء أي تكهنات لمستقبل هذه الحكومة، وتبقى للوزير الأول صلاحية قراءة الوضع الجديد، بعد هذا القرار، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية استمرار حكومة ذات أقلية، ولكن فقط لفترة محدودة، بينما الولاية الحكومية الحالية ما تزال أمامها فترة ثلاث سنوات، وهو ما يجعل الأمر صعبا بالنسبة للحكومة، وستكون أضعف مما هي عليه حاليا، إذا ما تم قبول استمرارها بأقلية. محمد الخليفة : عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال إنها خرجات هتشكوكية بالنسبة لحزب الاستقلال، الذي يوجد أمينه العام والوزير الأول خارج البلاد، يمثل جلالة الملك في مهمة رسمية بليبيا، فإن قيادته لم تجتمع لحد الآن لتقييم الموقف الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة. لكن كرأي شخصي يمكنني أن أقول إن هذا الموقف الغريب، الذي اتخذه حزب فؤاد عالي الهمة، يعتبر بعيدا كل البعد عن روح الأصالة وروح المعاصرة. وكان على من يريد الانسحاب من الحكومة أن يقدم وزراؤه استقالاتهم بشكل واضح، آنذاك سيصبح هذا الحزب تلقائيا في المعارضة، ولا داعي لمثل هذه الخرجات الهتشكوكية، ويجب أن يُتخذ موقف واضح، إما أنك ضمن الأغلبية الحكومية أو خارج هذه الحكومة التي تم تشكيلها في رمضان سنة 2007. والقول إن هذا الحزب لم تبق له أي علاقة بالحكومة الحالية، في الوقت الذي ما يزال ضمن تشكيلتها وزير باسمه، فإن ذلك يعتبر إضافة مأساوية للمشهد السياسي ببلادنا للأسف، والتي تبعد المغرب عن المفاهيم الديمقراطية المتعارف عليه عالميا. ولا أعتقد أن هذا الموقف الذي اتخذ على هذه الشاكلة وبهذه الطريقة، سيكون له أثر إذا بقي المنتسبون لحزب الهمة بداخل الحكومة. وللتذكير فقط، فإن هذا الإجراء يأتي بعد ما أثير من ضجة حول المادة الخامسة من قانون الأحزاب، ولذلك فإن أي محلل سياسي يعجز عن تحليل هذه المواقف المتخذة، لذلك فإنه علينا انتظار النهايات لمعرفة أسباب اتخاذ هذا الحزب لمثل هذه الخطوات. سعد الدين العثماني : رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الأصالة والمعاصرة عودنا على المفاجآت الحدث الذي طبع الساحة السياسية ببلادنا لم يكن مفاجئا، لأن حزب الأصالة والمعاصرة كفكرة، وهذا رأيي الشخصي، عودنا على كثرة المفاجآت أو بالأحرى على كثرة التقلبات؛ حيث في البداية قال المؤسس إنه جاء فقط ليخدم المواطنين على مستوى منطقة الرحامنة، ثم جاء تأسيس حركة لكل الديمقراطيين، وتم الترويج بأنها لن تتحول إلى حزب سياسي، وهو ما حصل عكسه بعد حين، حيث تم إنشاء حزب سياسي، قيل إنه جاء لترشيد الحياة السياسية وتطوير الديمقراطية والمساهمة في التحديث ورفض ظاهرة البرلمانيين الرحل، ليتحول بسرعة إلى حزب يتبنى العديد من هذا النوع من البرلمانيين، ويصبح هو بطل الترحال السياسي ويهدد الحكومة بسحب دعمه لها إذا ما منعت برلمانييه من الترشيح. إنها مسألة تتعلق بتطور لهذا الحزب، الذي جاء في إطار سياق معين. صحيح أن لكل حزب التصرف انطلاقا من قناعاته، لكن تصرف حزب الأصالة والمعاصرة والتبرير الذي ساقه عند إقدامه على انسحابه من الحكومة هو تبرير غير معقول، حيث يقول إنه احتج على الحكومة لكونها طبقت مادة من قانون الأحزاب، معنى ذلك أن موقف هذا الحزب هو دعوة إلى التمرد على القوانين وعدم تطبيقها، لذلك فإن المبرر غير معقول. وبالعكس من ذلك، فإن المبرر إذا كان سياسيا مثلا لسوء تدبير الحكومة لمساوئ الأزمة الاقتصادية العالمية ومخلفاتها الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد الوطني، أو لسوء تدبير الحكومة لعملية الانتخابية، فإننا قد نقبل الموقف، لكن الذهاب إلى المعارضة فقط لمجرد تطبيق الحكومة لفصل من قانون الأحزاب، فإن ذلك يشير إلى عدم احترام القوانين، في الوقت الذي كان فيه فؤاد عالي الهمة أحد المشاركين في صياغة القانون المذكور. حسن طارق : عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي المسألة تتعلق بمزيد من العبث التصرف الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة يعكس تعبيرا آخر عن أن المغرب يعيش أزمة سياسية، كما يؤكد كذلك على أن الذين قالوا لا أجندة سياسية لهم، يتضح اليوم وعشية الانتخابات الجماعية المقبلة، أنهم على العكس من ذلك لهم أجندة متكاملة، وللأسف هي أجندة تؤكد التراجعات على المستوى الديمقراطي ببلادنا. والمسألة تتعلق بالمزيد من العبث ومن التصرفات التي تهدف إلى خلخلة المشهد السياسي لكن بدون أفق. وبالنسبة لنا بالحزب، فإن الأمر بالأساس يعني الوزير الأول المدعو سياسيا إلى التعامل مع هذا الوضع الجديد، وما إذا كان سيقبل بالاستمرارية بحكومة ذات أقلية، أو سيطلب إعفاءه من منصبه، أم سيقوم بمشاورات لإضافة مكون سياسي جديد إلى الأغلبية الموجودة، وكلها إشارات تبين مدى الأزمة السياسية التي نعيشها اليوم، منذ نتائج الانتخابات التشريعية السابقة. إنها الأزمة التي تحتاج إلى أجوبة، والتي لا يمكن التوصل إليها إلا من خلال إصلاحات سياسية حقيقية، كما يطالب بذلك حزب الاتحاد الاشتراكي، من أجل وضع حد لكل ما يقع من اختلالات على الساحة.