صرح عبد الهادي بيسة صاحب شركة للنسيج بمدينة سلا أنه قام بتسريح 600 من أصل ألفي عامل وعاملة يشتغلون لديه، وذلك نتيجة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يعني أن الشركة استغنت عن خدمات 30 % من عمالها. ويوضح عبد الهادي أنه كان مضطرا لهذه التسريحات، لأن مبيعات الشركة مرتبطة بشدة بالتقلبات الدولية، وهي التي حققت العام الماضي مداخيل بقيمة 15 مليون دولار. وأشار المتحدث نفسه لوكالة «أشوسيتد بريس» الأمريكية أن الطلبيات على إنتاج الشركة من ألبسة الأطفال والرجال تراجعت بنحو 85 في المائة، وتوجد بالدرجة الأولى في السوق البريطانية، حيث تتخصص الشركة في المنتوجات الرفيعة، وقد فقدت الشركة أحد أبرز زبنائها في شهر دجنبر الماضي على حد قوله، ونقلت الوكالة عن «نعيمة أعرور»، وهي إحدى العاملات بالشركة قولها «نتخوف من المزيد من التسريحات، ودون عمل سنكون عرضة للجوع». وتقول السلطات المغربية إن قطاع النسيج فقد نحو 20 ألف منصب شغل، وهو ما يعادل 10 في المائة مما يشغله القطاع على الصعيد الوطني، كما فقد عدد غير محدد من مناصب الشغل في قطاع السياحة الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد المغربي. وتتابع الحكومة عن كثب القطاعات التي تقع في دائرة التهديد من انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم، وتتدخل للحفاظ على مناصب الشغل وضمان الاستقرار، لا سيما وأن المغرب لا يقدم تعويضات عن البطالة، وكل تسريح لأحد العمال يعني تضرر الأسرة التي يعيلها، وعلى المستوى العام تكون المدن المعروفة بقطاع النسيج كمدينة سلا متضررة من عمليات التسريح. ونقلت وكالة الأنباء عن وزير التجارة والصناعة أحمد رضا الشامي قوله إن الحكومة تتدخل عندما يصل الإنذار إلى اللون البرتقالي، مشيرا إلى أن السلطات خصصت مبلغ مليار درهم كمخصصات دعم للقطاعات المتضررة من الأزمة العالمية، وهي عبارة عن بعض الإعفاءات من التحملات الاجتماعية للشركات، وتقديم ضمانات الدولة للقروض البنكية قصد توفير السيولة والتمويل اللازمين لاستمرار النشاط الاقتصادي بصفة عادية. وأضاف الوزير الشامي أنه في حال وصول الإنذار حول تضرر الاقتصاد من الأزمة العالمية إلى اللون الأحمر فإن تدخل الدولة سيكون أكبر، دون أن يقدم تفاصيل عن هذا التدخل. من جانب آخر، قالت «أسوسيتد بريس» إن أحد أبرز تجليات الأزمة العالمية على الأوضاع في المغرب هو إعلان الشركة اليابانية للسيارات «نيسان» انسحابها قبل أشهر من المشروع الضخم لشركة «رونو» بنواحي طنجة، وهو المشروع الذي خصص له قبل نشوب الأزمة 600 مليون أورو لإقامة مصنع كبير يشغل 6000 من اليد العاملة وينتج 20000 سيارة انطلاقا من العام المقبل، مستفيدا من البنيات التحتية التي يوفرها ميناء طنجة المتوسط. هذه التطورات ستؤجل انطلاقة المشروع بسنة كاملة حسب «تييري مولونغي» نائب الرئيس التنفيذي والمدير المالي ل «رونو نيسان»، وذلك نتيجة مراجعة الشركة لمخططها الاستثماري، بيد أنه حرص على التأكيد بأن هذه الصعوبات لا تشكك بالمرة في تنافسية المغرب في قطاع السيارات، فكلفة الأجور والضرائب في المغرب هي أقل حسب تقديرات «رونو» ب 40 في المائة مما يوجد بدولة كالصين، وأقل 9 مرات مقارنة بالكلفة في فرنسا. ومع أن مشروع رونو بنواحي طنجة لإنتاج سيارات لوغان منخفضة الثمن موجه أساسا إلى الدول النامية، إلا أن هذا الصنف بدأ يعرف إقبالا من لدن المستهلكين في الدول الغنية بفعل تراجع مداخيلهم نتيجة الأزمة.