بأحد مداشر إقليم أزرو، يفضل رشيد أن يدندن كل مساء بأغان أمازيغية وهو يرى أبناء حيه عاطلين ينفضون أعقاب السجائر عنهم وعيونهم ترنو بحزن إلى المستقبل.. كغيره من المغنين المغمورين الذين لا نراهم في سهرات السبت على الشاشة، تظل «السيديات» جواز المرور إلى آذان الجمهور المتابع لجديد أغانيه داخل محلات بيع الأشرطة الغنائية بالمدن المغربية. مع اقتراب موعد الانتخابات وتصاعد وتيرة الحملات الانتخابية، تنتعش حركة بيع الأغاني الخاصة بالانتخابات. ورغم تسجيل تراجع نسبي في الإقبال على شراء تلك الألبومات، فإن الفنانين لا يتوقفون عن تسجيل أغانيهم ويحرصون على انتقاء أغان بكلمات تحمل نقدا للشأن السياسي بالمغرب. وبعد أن غنى عن غدر الحبيبة وألم الهجرة وفراق الوطن وبر الوالدين، اختار رشيد أن يفرغ غضبه وأمله في آخر ألبوم له ويغني عن «موسم» الانتخابات... تضمن الألبوم حوارا بين المرشح القديم الذي يرد على اتهامات مرشح مثقف. في عنوان أحد المقاطع، يواجه رشيد المسؤولين الجماعيين الذين انتهت فترة ولايتهم قائلا:«كم من مرة كذب علينا دون أن نرى منه شيئا». شهر يفصلنا عن الانتخابات الجماعية.. ينهمك كل مرشح في وضع آخر اللمسات على حملته الانتخابية، ويختار بعناية مناصريه الذين سيشرفون على تفاصيل حملته.. لا يهتم رشيد بما تردده تلك الشخصيات بضحكاتها الصفراء وهي تتحدث على موائد الحوارات التلفزية وجلسات الصالونات الراقية التي تختار الانتخابات مادتها الرئيسية.. رشيد لا يريد سوى شيء واحد: أن يصوت على مرشح نزيه لا يعطي وعودا كاذبة ولا يشتري، كغيره، ضمائر الناخبين. «أثق في من يتواصل معي، وأعلم عندها بأنه المؤهل لتسيير الأمور»، يردد رشيد بصوته ذي اللكنة الأطلسية.. تتجاوز مدة كل أغنية عشر دقائق، وقد أشرف ابن مدينة أزرو على وضع كلماتها وألحانها بنفسه، وتم تسجيلها في أحد الاستوديوهات بالمدينة بميزانية صغيرة يتولى المنتج استرداد أقساطها بعد بيع الأقراص المدمجة في الأسواق. «يحرص الفنانون على متابعة التطورات التي يعرفها المغرب في كل المجالات، ويتنافسون في اختيار أفضل الألحان لكل قضية لكي لا يسقطوا في التكرار»، يصرح مسؤول الأستوديو الذي أشرف على إنتاج الألبوم. في إحدى المقاطع، يتساءل رشيد بكلمات تعيدها المغنية التي ترافقه أكثر من مرة: «من ليس متعلما فرأسه فارغ كرأس البقر، هل يستوي الرجل الأعمى مع الذي عيناه مفتوحتان؟ وهل يستوي المثقف والمتعلم مع الجاهل والمظلم؟». في مقاطع كل أغنية، تنساب الكلمات بسلم موسيقي متتابع، وبوصف السياق الاجتماعي الذي تسير فيه الانتخابات الجماعية، ورسم ملامح شخصية المرشح الذي لا يقبل أن يخسر مقعده في الجماعة ويقضي ليله في السهر وينام نهارا.. خصص رشيد أغنية للشباب المرشح، واعتبر أن المرشح الشاب لا يريد أن يركب السيارات الجديدة وينمي رأسماله: «يقول المرشح الشاب لنتحد حتى ينجح المثقف فينا، لقد جربنا المرشح القديم ولم يصلح لشيء». ويتابع في لحن سريع: «أقسم المرشح الحالي أن يملأ بطنه جيدا ويهتم بشؤونه فحسب، من صوت على هذا المرشح فسأعرف أنه أحمق، لأنه يبيع نفسه ويشتري الضمائر».