يرى أعضاء من داخل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أن العقوبة التي سُلطت على المغرب تعتبر مخففة وأن الأمور كانت تتجه نحو حرمان المنتخب الأول من المشاركة في كأس أمم إفريقيا 2017 و2019 ثم 2021، على أن تشمل العقوبة باقي الفئات العمرية للمنتخب الوطني وأيضا الأندية المشاركة في المسابقات القارية. من يروجون لهذا الخطاب كأنهم ينتظرون منا كمغاربة أن نتقدم بالشكر إلى رئيس «الكاف» عيسى حياتو (68 سنة)، الذي يستعد لتغيير لوائح الكونفدرالية الإفريقية للكرة والتي تهم السن، من أجل البقاء لولاية ثامنة على رأس «الكاف» التي يترأسها منذ 27 سنة. يجب الاعتراف بأن العقوبات كانت جد قاسية، وغياب «أسود الأطلس» عن «كان» 2017 و2019 يعتبر ضربة موجعة للكرة المغربية ولجيل من اللاعبين المغاربة الذين انتهى مشوارهم مع المنتخب، خاصة الذين تبلغ أعمارهم 30 سنة وما فوق، كما ستتسبب عقوبات «الكاف» في اختيار عدد من اللاعبين المغاربة تمثيل بلد النشأة (هولندا، فرنسا، إسبانيا ...) عوض اختيار تمثيل المنتخب الوطني. تغريم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم 10 ملايير سنتيم إلى جانب حرمان المنتخب الوطني من المشاركة في «الكان» حتى دورة 2021 في الكوت ديفوار، لا يمكن تصنيفه في خانة العقوبات الخفيفة، لأن المغرب قدم رغم كل شيء، سببا قد يعتبره كثيرون غير موضوعي، لطلب تأجيل كأس أمم إفريقيا 2015 التي سُحبت منه وطارت إلى غينيا الاستوائية. هنا أتذكر حالة منتخب نيجيريا الذي رفض السفر إلى جنوب إفريقيا للمشاركة في كأس أمم إفريقيا عام 1996 لأسباب سياسية محضة، بطلب من الحكومة النيجيرية التي طلبت من اتحاد الكرة عدم مشاركة المنتخب الأول في «الكان»، بعد مرور عامين من تتويجه باللقب الإفريقي بتونس على حساب زامبيا. تخلف المنتخب النيجيري قبل فترة قصيرة عن المشاركة في «الكان»، وهو أمر ليس بالهيّن، لأن امتناع بطل إفريقيا حينها بكامل نجومه وأسماءه عن المشاركة في أكبر حدث قاري كان مكلفا من الناحية المادية بالنسبة إلى «الكاف». في نهاية المطاف، قرر حياتو ومن معه استبعاد نيجيريا عن دورة كأس أمم إفريقيا لعام 1998 ببوركينا فاسو، وعاد بعدها منتخب «النسور» ليشارك في «الكان» سنة 2000، بل ومنح حياتو شرف التنظيم لنيجيريا مناصفة مع غانا، فيما يشبه التعويض لأصدقائه النيجيريين عن عدم مشاركتهم في نسخة 1998. غابت نيجيريا عن كأس قارية واحدة فقط، ولم تطل العقوبات الأندية المحلية وباقي الفئات العمرية للمنتخب، ففي صيف نفس السنة حاز المنتخب الأولمبي النيجيري الميدالية الذهبية في أولمبياد أطلانطا، وشارك المنتخب الأول أواخر 1996 في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، وبالفعل بلغت نيجيريا مونديال فرنسا سنة 1998، وحتى الغرامة المالية كانت مخففة إلى حد كبير. في 2010 عاقبت «الكاف منتخب الطوغو بالاستبعاد من «الكان» لأربع سنوات بسبب انسحابه من المنافسات عقب تعرض حافلة المنتخب لهجوم مسلح في أنغولا، لكن سرعان ما تم التراجع عن العقوبة. في آخر كأس إفريقية، شاهدنا كيف خرجت تونس من المسابقة وتابعنا كيف اجتاح جمهور غينيا الاستوائية أرضية الملعب ورمى بالحجارة والقنينات لاعبي منتخب غانا في دور النصف. في النهاية، تم استبعاد تونس من «كان» 2017 والعقوبات على البلد المنظم كانت جد مخففة، بل وحتى قرار لعب مباراة الترتيب بدون جمهور كان موقوف التنفيذ ! يبدو جليا أن «الكاف» لا تتعامل بنفس المنطق مع الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائها، وهذا أمر لم يعد يحتمل الصمت.