من جديد، استفاق البيضاويون على خبر مقتل شخص، بداية الأسبوع الجاري، جراء انهيار جز من فندق لينكولن، الذي يشوه بمنظره الحالي شارع محمد الخامس، فهذا الفندق الذي كان من المفروض أن يتم طي صفحته قبل سنوات ما يزال مصرا على تذكير البيضاويين بأن تراث هذه المدينة في خطر. فندق لينكولن بالدارالبيضاء يعد من أقدم الفنادق في العاصمة الاقتصادية ويشهد على مجموعة من الأحداث التاريخية التي عرفتها المدينة في مواجهة الحماية الفرنسية، وتعرضت جدرانه للانهيار أربع مرات كان أولها عام 1984. وفي كل مرة يعتقد المتتبعون لهذا الملف أن ساعة الحسم حانت لإعادة بناء هذا الفندق، يكتشفون أن الأمر مجرد حلم جميل، فبعدما تمت نقل ملكيته إلى الوكالة الحضرية تبرأ المجلس الجماعي منه ولم يعد يشكل أي أولوية بالنسبة إلى أعضاء المكتب المسير للدار البيضاء. مصدر مطلع سبق أن أكد ل"المساء" أن نقل الملكية للوكالة الحضرية ليس نهاية الطريق، فهناك مجموعة من الإجراءات القانونية والإدارية تحُول دون خطة عملية إعادة البناء. وأصبح "منظر" فندق "لنكولن" وسط شارع محمد الخامس يثير استياء مجموعة من البيضاويين، الذين يؤكدون أنه "لم يعد من المقبول استمرار الوضعية الحالية، لأنّ هذا الأمر يضرب في العمق أيَّ محاولة لردّ الاعتبار إلى شارع محمد الخامس، الذي عانى لسنوات طويلة من التهميش والإقصاء قبل أن يتم إحداث مشروع الطرامواي، الذي أعاد بعض الاعتبار لهذا الشارع، الذي ينطق بتاريخ المدينة وشاهد على مجموعة من الأحداث التي عرفتها الدارالبيضاء طيلة القرن المنصرم. وأكد بلاغ لولاية الدارالبيضاء، توصلت "المساء" بنسخة منه، أن العمارة المعنية كان قد تم إدراجها سنة 2000 بدليل التراث المعماري الوطني. واعتبارا لأهميته التراثية، تكلفت الوكالة الحضرية للدار البيضاء بإنجاز مشروع إعادة تهيئة وتجديد فندق لينكولن مع الحفاظ على الواجهة والقيام بمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة التي توجد اليوم في مراحلها الأخيرة بحيث يجب تحديد مبلغ التعويض بصفة نهائية لفائدة ذوي الحقوق، وأيضا البث في طلبات التعويض التي تقدم بها حديثا مدعون لامتلاكهم أصولا للتجارة تابعة للعمارة المعنية. وموازاة مع الإجراءات القانونية، قامت الوكالة الحضرية باتخاذ مجموعة من التدابير ويتعلق الأمر بإنجاز تشخيص تقني من طرف مكتب دراسات متخصص الذي يؤكد على الحفاظ على الواجهة، وإنجاز دراسات معمارية والحصول على ترخيص من أجل إعادة تهيئة وتجديد الفندق، ووضع الترتيبات الوقائية التي تحفظ سلامة الجوار ومستعملي الطريق العام، وإعداد طلب للتعبير عن الاهتمام على أساس دفتر التحملات، بمساعدة مكتب قانوني وخبير في التسويق بهدف إعادة تهيئة وتجديد العمارة، وإعادة البناء بنفس الشكل للأجزاء المنهارة في الواجهة. حكاية فندق لينكولن تعود إلى منتصف الثمانينات، وحينما كان ينهار جدار من جدرانه، كانت تسقط ذاكرة من الذكريات الكثيرة في هذا الفندق، وكانت هذه الانهيارات تخرج المسؤولين عن المدينة من صمتهم ويؤكدون أنه لابد من البحث عن حلول واقعية تضع حدا لسلسلة الانهيارات المتتالية التي أصبحت تخلق الرعب في قلب أي شخص فكر في المرور بجانبه، ما أدى إلى تسييجه في منظر يثير الكثير من التذمر، خوفا من انهيار مفاجئ لجدرانه على المارة. إلا أن طريقة وفاة المواطن الذي لقي مصرعه يوم الاثنين الماضي ستعيد فتح هذا الملف من جديد. وحينما تم تسييجه قبل أزيد من ثمان سنوات ظن المتتبعون لهذا الملف أنه تم التوصل أخيرا إلى حل، لكن ذلك لم يحدث، ليكتشف الجميع أنها كانت فقط خطة لتجنب وقوع كارثة جراء انهيار جدرانه.