يشتغل المئات من العمال داخل أحد الآبار/الأنفاق (السندريات) التي يطلق عليها اسم آبار الموت بغابة حاسي بلال بجرادة، حيث يعمدون إلى استخراج الفحم الحجري بطرق يدوية بدائية، في غياب لكل شروط الوقاية والسلامة الصحية لحوادث الشغل في مثل هذا العمل الشاق والخطير، حيث غالبا ما تبتلع تلك الآبار هؤلاء العمال أحياء ردما تحت أنقاض أطنان من الأتربة بعد انهيارها أو اختناقا بسبب انبعاث غبار الفحم وتفاعلها أو بعد إصابتهم بمرض السيليكوز في عزّ شبابهم. هؤلاء العمال الشباب أبناء المنطقة من مدينة جرادة ونواحيها بل حتى من خارج الإقليم يعيلون آلاف الأسر، يشتغلون في تلك الآبار العشوائية لاستخراج الفحم الحجري ويبيعونه لبعض المحتكرين بأبخس الأثمان، حيث يستغلون فقرهم وعوزهم للتحكم في الأسعار دون مراعاة ظروف اشتغالهم اللا إنسانية وأوضاعهم الاجتماعية المزرية. وتعد هذه الآبار العشوائية أو «الثقب السوداء» أو «آبار الموت» التي فتحت قبل إغلاق مناجم جرادة وتناسلت بعد سنة 2000 يوم إغلاق المناجم وتسريح العمال، مصدر رزقهم وعيشهم الوحيد. وعرفت مدينة جرادة، خلال السنوات الأخيرة، حركات احتجاجية قوية ومظاهرات صاخبة ومسيرات شعبية للمئات من المنجميين في هذه الأنفاق ضدا على وضع الاستغلال الذي يتعرض له أبناؤهم في استخراج وبيع الفحم الحجري بالمدينة، انتهت باعتصامات أمام مقرات البلدية والعمالة، تم، على إثرها، اعتقال عدد من العمال من أجل «التظاهر وأعمال الشغب وتخريب ممتلكات عمومية» وأحيلوا على المحكمة بوجدة.