مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    شاحن هاتف يصرع طفلا في تاونات    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات            برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف آبار الفحم ( الساندريات ): بين ما هو اجتماعي و قانوني...
نشر في أخبارنا يوم 03 - 04 - 2011

الوضعية الاجتماعية بالمدينة فرضت ( إلغاء ) قانون استغلال المناجم...

ملف آبار الفحم أو ما يصطلح عليه محليا ب « الساندريات « يبدو في ظاهره عاديا حيث يعتبره عموم الناس أن عددا من العمال بهذه الآبار يذهبون كل صباح من أجل استخراج الفحم من هذه الآبار التي تعد بالعشرات و منتشرة في كل ضواحي المدينة بل بعضها يحاكي بعض الأحياء مشكلة بذلك خطرا على السكان تم حفرها على أعماق مختلفة ليباع الفحم المستخرج لثلة من المقاولين الذين حصلوا على رخص استغلال الفحم و تسويقه من وزارة الطاقة و المعادن و الذين بدورهم يعيدون تسويق المنتوج في عدد من مناطق المغرب حسب طلبيات زبائن من مؤسسات عمومية وخاصة...
لكن في عمقه ( الملف ) و حسب المعطيات المتوفرة من خلال ربط تاريخ هذه الآبار بالملف المتعلق بإغلاق شركة مفاحم المغرب نهائيا سنة 2001 طبقا لاتفاقية اجتماعية أبرمت بين الحكومة و النقابات الممثلة للعمال ، فإن الأمر يتعلق بملف ضخم اختلط فيه ما هو اجتماعي انطلاقا من تسريح العمال الذين كانوا يعملون بالشركة المذكورة الشيء الذي خلف تراكمات اجتماعية عقب هذا الإغلاق الذي تم تبريره آنذاك بنفاذ احتياطي الفحم و غلاء كلفة استخراجه حسب الطرح الرسمي فيما رجح سببه الطرح السياسي إلى تكتل النقابات بعمالها وراء ملفاتها المطلبية مما كان يشكل ورقة ضغط قوية على إدارة الشركة حسب نفس الطرح،
قانوني انطلاقا من كون عمال الآبار الذين يستخرجون الفحم حاليا يعتبر عملهم خارجا عن إطاره القانوني إضافة إلى كونهم يقطعون أشجار الغابة المتواجدة في وسطها الآبار.
و لتسليط الضوء على الموضوع الذي أسال الكثير من الحبر و قيل عنه الكثير عبر وسائل الإعلام السمعية- البصرية وطنيا و دوليا تقسيمه إلى النقط التي اختلطت فيه و يرى فيها المواطن العادي ملفا كباقي الملفات مادام هناك فحم يستخرج و « الناعورة دايرة « رغم المخاطر الجسدية و القانونية التي تحدق بعمال هاته الآبار.

الشق الاجتماعي وليد إغلاق شركة مفاحم المغرب

يعود تاريخ بداية العمل في آبار الفحم العشوائية إلى منتصف الثمانينات قبل الحكم على مناجم جرادة بالإغلاق طبقا لاتفاقية 17/02/1998 الاجتماعية التي وقعت بين الحكومة آنذاك و النقابات الممثلة للعمال ( الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل ) بصفة تدريجية حتى سنة 2001 ليكون آخر عامل قد عوض بتعويضات عدت بالملايين حسب أقدمية العمل بالشركة، عدد الأطفال، نسبة الإصابة بالمرض المهني أو حادثة شغل... لم يفلح البعض في استغلالها بطريقة مواتية لأكلها على المدى الطويل أو على الأقل المتوسط أو ألحق للعمل بالمكتب الوطني للكهرباء بعد اجتياز امتحان من أجل ذلك... الشيء الذي خلق أزمة اجتماعية بدءا من ضياع فرص الشغل التي كانت توفرها الشركة منذ سنة 1927 وصل عددها في الثمانينيات أزيد من 7000 منصب موزعة على: مهندسين، أطر ، و تقنيين في السطح و العمق إضافة إلى الطاقم الإداري الذي كان يضم نفس الشرائح المذكورة،
انعدام فرص الشغل في غياب البديل الاقتصادي التي كانت تلوكه بعض الألسن المتمثل آنذاك في الملف الاقتصادي الموازي للملف الاجتماعي الخاص بإغلاق المنجم حيث اختارعشرات من العمال ممن فضلوا الاستقرار بجرادة أو غادروها ليعود بعضهم اضطراريا إليها بعد رحيلهم منها مباشرة و حصولهم على التعويضات المذكورة والذين كان العمل بالشركة المذكورة لسنوات ، قد أهلهم لحفر آبارالفحم كوسيلة لكسب حياتهم لكن بطرق تقليدية تعتمد بالخصوص على أدوات بسيطة لحفر بئر يصل عمقه في بعض الأحيان إلى أكثر من 60 مترا بواسطة آلة يطلق عليها اسم « الكومبريسور « التي تكترى ب 200 درهم يوميا مع تأدية ثمن الكازوال من طرف صاحب البئر الذي يراد ثقبه ، المارطو، السيزو ، حبال... مع جلب يد عاملة رغم أن بعضها غير مؤهلة لهذا العمل منهم حتى الطلبة و التلاميذ في العطل و أيام الآحاد بالخصوص و في هذا الشأن قال طالب في سنته الأولى باكلوريا الذي صادفته « العلم « و هو يغادر أحد الآبار المتواجدة بغابة قريبة من حاسي بلال و كأنه يلمح أنه المعيل لعائلته و المسؤول عن توفيردرهيمات الجيب: « بالسيف علي نخدم في الساندريا و نقرا إيلا ما اخدمتش منين نجيب مصروفي أنا ما نقبل حتى واحد يعطيني و لا يعطي لعائلتي و يزن علينا».
أما عن العمل بهذه الآبارفقال أحد العمال السابقين بشركة مفاحم المغرب عمره 42 سنة مصاب بعجز مهني يقدر ب 20 في المائة و قضى 16 سنة من العمل بها و أمثاله أصبحوا يعدون بالعشرات فكان رده و يداه لم تهدأ من الإشارة كأنه غير راض على الوضع الذي هو فيه: « من كان السبب في إغلاق مناجم جرادة كان السبب في كارثة اجتماعية تبدأ من الفقر الذي أصبح يعيش فيه عدد من العمال بعدما كانوا في حالة نفسية و معيشية شبه مريحة مرورا بالمرض المهني الذي لا محالة سيفتك بالعشرات من عمال هذه « الساندريات « علما أنهم لا يتوفرون على تأمين و وصولا إلى الضحايا الذين يلقون حتفهم إثر انهيار بعض الآبار و الذين هم في تزايد مستمر و رغم كل ذلك فلا خيار لنا غير هذا الاختيار لكسب لقمة عيش عائلاتنا في غياب بدائل اقتصادية بعد إغلاق المنجم...» ليردف أحد العمال و هو يتأهب للنزول في البئرالذي يعمل به و لباسه المعلن عن صعوبة العمل بهذه الآبار انطلاقا من آثار العرق البادية على عدة مناطق منه ( اللباس ) و بلغة كلها لوم على المسؤولين أثناء الحوار حول الملف الاقتصادي قائلا : « لو كان غير ما كدبوش على عباد الله بلي كاين ملف اقتصادي غدي ينمي لبلاد».
مع الوقت أصبحت تتناسل هذه الآبار بعد الإقبال عليها من طرف المئات من العمال منهم من لا يعثرون على الفحم في بعضها رغم حفرهم لعشرات الأمتار ليعيد كرة الحفر من جديد في العديد من المناطق المجاورة للمجال الحضري ( طريق 16، رقم 18، رقم 40، دوار حاسي بلال، قبور النصارى، ، حي الهناء، ب 12 ... ) حيث أصبح
تحج إلى العمل فيها إضافة إلى أبناء مدينة جرادة من كل الأعماراليد العاملة المنحدرة من مدن و مناطق قريبة من مدينة الفحم كالعيون، تاوريرت، سيدي لحسن، لعوينات و كنفودة... حتى أصبح عدد هؤلاء العمال يتراوح ما بين 1000 و 1400 عاملا - حسب ما صرح به أحد العمال المهتمين بشؤون عمال آبار الفحم « الساندريات « - منهم من يتكلف بمهمة الحفر مقابل أجر يحدد في نصف المدخول الإجمالي لمنتوج الفحم بعد خصم المصاريف الإجمالية لاستخراجه من طرف صاحب البئر، منهم من يتكلف بالجر في قعر الحاسي ( استخراج الفحم من مكان الحفر) مقابل أجر يومي ما بين 100 و 120 درهما و منهم من يتكلف بالجر إلى السطح مقابل 70 إلى 80 درهما في اليوم فيما يتكلف عمال بالتصفية ( التغربيل ) مقابل مبلغ ما بين 50 و 60 درهما المهمة التي يقوم بها حتى النساء في المستودعات التابعة لأصحاب الرخص ( الديبويات ) مقابل 40 إلى 50 درهما يوميا بعدما كن في السابق إما ربات بيوت أو كانت المهمة التي يقمن بها حاليا لا تدخل في مجال عملهن بالنسبة للواتي كن عاملات سابقات آنذاك بالشركة المذكورة...
و كل ما يستخرج يوميا من كميات الفحم و التي تصل ما بين 8 و 25 كيسا فإنها تباع ما بين 60 و 75 درهم للكيس حسب الجودة الذي يزن ما بين 90 و 105 كلغ لأصحاب الرخص ( لاكريمات ) و الذين بدورهم يعيدون تسويق المنتوج بعد إخضاع الفحم المستخرج لعملية التصفية ( التغربيل ).
و أصبح العمل بهذه الآبار بطريقته الحالية ( عشوائيا ) يهدد أمن و طمأنينة المدينة حيث شهدت عدة احتجاجات إبان وفاة أية ضحية من الضحايا في غياب أي تأمين يمكن أن يضمن حياة أفراد الأسرة التي تبقى بعد هذه الوفاة المفاجئة حيث يصل عددهم حاليا إلى 24 ضحية جراء انهيارات تقع في بعض الآبار و التي وصلت بعض هذه الاحتجاجات أوجها حينما حاولت مسيرة نظمت صباح يوم الأربعاء 06/05/2008 و شارك فيها عشرات من عمال هذه « الساندريات « و بعض التلاميذ و مواطنين التوجه إلى مدينة وجدة مشيا على الأقدام حيث تم إيقاقفها بعد قطعها ما يقارب 11 كلم انطلاقا من جرادة و الدخول في حوار مع السلطات المعنية بعد إقناع المشاركين فيها من أجل ذلك... بل وصل الأمر إلى انفلات أمني تسبب في خسائر مادية في أملاك مختلفة تم اعتقال عدد من الأشخاص آنذاك و محاكمتهم تبعا لما نسب إليهم حين تخلى مقاول على اتفاق أبرم مع عمال « الساندريات « لشراء الفحم ب 110 درهما للكيس.
الوضع الاجتماعي بالمدينة فرض ( إلغاء ) قانون المناجم...

لا يكاد يضع أي حفار أدواته من أجل بدء حفر بئر لاستخراج الفحم الذي يعرف الجميع أن الحصول على القوت اليومي هو الدافع لذلك و هو العمل الذي لجأ إليه المئات من شريحة من تخلت عن خدماتهم شركة مفاحم المغرب كمنجميين بعد إغلاقها أو الذين انحدروا من مناطق مجاورة باستثناء الذين يتوفرون على رخص لاستغلال آبار الفحم و تسويقه حتى يبدأ سيل من الأسئلة تطرح نفسها و هي في حد ذاتها جوهر قد يجهل خباياه المواطن العادي و سنحاول تقريبه من حقيقة الأمر حيث قال المندوب الجهوي للطاقة و المعادن بالجهة الشرقية السيد مختاري في لقاء مع « العلم «: « القطاع المعدني منظم بالظهير الشريف لسنة 1951 و المعادن ملك للدولة الممثلة في وزارة الطاقة و المعادن حيث بحكم هذا الظهيرترخص لأشخاص أو شركات عبر رخص البحث في البداية ليتم تجديدها في شطرين للتحول بعد ذلك إلى رخصة الاستغلال التي بدورها بعد تجديد لأربع مرات تعطى رخصة الامتياز وبإقليم جرادة يوجد ما مجموعه 75 رخصة موزعة على 47 رخصة بحث، 11 رخصة استغلال و 17 رخصة امتياز ويضيف فيما يخص ملكية هذه الآبار: « طبقا للفصل 5 من الظهير المذكور فإن المعادن هي ملك للأملاك المخزنية .
أما فيما يخص الوضعية القانونية للعمل بهذه الآبار فيضيف المسؤول الجهوي : « كل بحث أو استغلال لأي معدن من طرف أشخاص أو مقاولة بدون رخصة يعتبر خرقا للقانون المعدني و يعرض لعقوبات طبقا للفصول من 105 إلى 120 من هذا الظهير...»
و حول احتواء المشكل و العمل على إيجاد مخرج فصرح المسؤول الجهوي لوزارة الطاقة و المعادن قائلا : « تم عقد سلسة من الاجتماعات تحت رئاسة السيد عامل إقليم جرادة ضمت الجهات المعنية خلال فترة تعدت سنتين الشيء الذي تمخض عنه مؤخرا إنشاء مقاولة جديدة من طرف عدد من عمال هذه الآبار و هي تزاول نشاطها بشكل طبيعي بعد حصولهم على رخصة قانونية مضيفا أنه تم الاتفاق خلال الشهور الماضية مع أصحاب الرخص لتمويل و لمدة سنتين ثلاث شركات تشغل كل واحدة 100 عامل يكفي أن يتكتل العمال الباقون في هذه المجموعات لكن لازال هذا الحلم لم يتحقق بعد .
ونفس الطرح أكدته مصالح عمالة جرادة حيث قال أحد المسؤولين بذات المؤسسة: « كإجراء وقائي سيتم إغلاق بعض آبار الفحم و سيتم اعتبار المنطقة التي تتواجد بها هذه الآبار منطقة ممنوعة مع متابعة المشاورات حول حث عمال هذه الآبار على خلق شركات أو تعاونيات كما هو الشأن بالنسبة لشركة « مولاه « التي تم تأسيسها مؤخرا في هذا الشأن إضافة إلى محاولة العمل على إدماج هؤلاء العمال في إطار مقاولات تقدمت بطلبات قصد الاستثمار داخل الإقليم مما سيمكن من تشغيل عدد مهم من العمال حسب حاجيات هذه المقاولات خاصة و أن إقليم جرادة يزخر بمؤهلات مهمة في هذا المجال والعديد من المشاريع المقترح إنجازها بالإقليم في طور الدراسة كما طلبت السلطات الإقليمية من الوزارة المعنية العمل على خلق المناجم الصغرى بالإقليم قياسا على ما وقع في أقاليم أخرى كالراشدية، بني تجيت و ورزازات.
و لم يقتصر العمل بآبار الفحم على استغلال الملك العمومي بشكل عشوائي كما بين المسؤولون و المهتمون بالشق القانوني فإن الأمر يتوازى كذلك مع قضية لا تقل أهمية عن الأولى و التي تتعلق بقطع أشجار الغابة التي تتواجد بها « الساندريات « من أجل استعمال حطبها في الوقاية و السلامة داخل الآبار ( تبوازيا ) كما جاء في تصريح للمدير الإقليمي للمياه و الغابات بجرادة السيد موحى أشطرمون: « هذا مشكل اجتماعي معروف بدأ منذ إغلاق مناجم جرادة و العمال الذين يلجؤون لهذه الآبار يعملون بطريقة غير قانونية ويقومون بقطع الأشجار و وضعها كدعائم للأنفاق، و في هذا الصدد هناك تدخلات زجرية في حق المخالفين في إطار اللجان المحلية التي لها علاقة بالموضوع و يبقى المشكل قائما في انتظار إيجاد حل مستدام و شامل يرضي الجميع مستقبلا .
و للمجتمع المدني رأي في القضية...

مشكل آبار الفحم لم يغب حتى على بعض جمعيات المجتمع المدني كفاعل في الحقل التنموي عن طريق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو داعية من الدعاة إلى المحافظة على البيئة التي يشكل في هذا الباب تحسين ظروف عيش المواطنين و قطع الأشجار لاستعمالها في أشغال استخراج الفحم ( تبوازيا ) أحد النقط التي استأثرت باهتمام بعض الجمعيات.
ففي الشق التنموي الذي يرتبط أساسا بإيجاد حلول لوضع حد للعمل العشوائي بهذه الآبار أدلى محمود عليوة رئيس جمعية إسعاف للتنمية في تصريح « للعلم « حول هذه القضية قائلا : « بالنظر إلى ما أنتجه إغلاق مفاحم المغرب من واقع البطالة و المشاكل الاجتماعية فإن اللجوء إلى الاستغلال المنجمي بطرق تقليدية يبدو أمرا محتما على الشباب و العائلات التي لا تمتلك دخلا، هذا الواقع بطبيعة الحال و إن كان يوفر دخلا للآلاف من العائلات فإنه لا يخلو من مخاطر صحية و بيئية تفوق خسائرها على المستوى البعيد حجم ما سيكون مفروضا على الدولة إنفاقه لضمان متابعة صحية للعاملين في المناجم التقليدية المهددين بمرض السيليكوز و العاهات الناتجة عن الحوادث اليومية.
لهذا لا بد من طرح ملف الاستغلال المنجمي بإقليم جرادة و بالجهة الشرقية بشكل عام على طاولة الدراسة من طرف المسؤولين الحكوميين و جميع الأطراف المعنية و ذلك من أجل الخروج بحلول تقلل من المخاطر و تجد آفاق واعدة ضمن سياسة تنموية منتجة للشغل و الدخل و ضامنة للحقوق الأساسية للعمال و عموم ساكنة الإقليم «.
أما رابح حسناوي الرئيس السابق لجمعية طارق بن زياد للتضامن و التنمية و التواصل بحاسي بلال فكان تصريحه في هذا الشأن كالتالي : « تطبيقا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة نصره الله الرامية إلى الحفاظ على البيئة و انسجاما مع السياسة الحكومية في هذا المجال، و تماشيا مع روح فلسفة جمعية طارق بن زياد للتضامن و التنمية و التواصل الهادف إلى الحفاظ و النهوض بالمجال البيئي، قامت الجمعية بتبني مشروع غير مسبوق داخل مدينة جرادة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و بشراكة مع إدارة المحطة الحرارية و المديرية الإقليمية للمياه و الغابات يتمثل في عملية ردم الآبار الناجمة عن الاستغلال العشوائي لبقايا الفحم الحجري حيث تم ردم ما يفوق 380 بئر عمقها ما بين 1.5 م و25م و التي كانت تشكل خطرا كبيرا على سكان بعض الأحياء المجاورة لها و موازاة مع ذلك قامت الجمعية بعملية تشجير لإضفاء مسحة من الجمال على الفضاءات المجاورة للمدينة و في نفس الوقت تعويض الأشجار التي تجثث من طرف عمال هذه الآبار».
كلمة لابد منها:

و إذا كانت كل هذه التصاريح التي أدلى بها المسؤولون المعنيون تتقاطع في نقطة واحدة و هي أن استغلال هذه الفئة لآبار الفحم بل هتك حرمة البيئة عن طريق قطع أشجار الغابة لاستعمالها في الغرض المذكور يعتبر خرقا صارخا للقوانين المتعلقة بذلك فإن الحالة الاجتماعية التي يعيش عليها سكان مدينة جرادة و خاصة منذ إغلاق منجم الفحم الذي كان ركيزة اقتصادية مهمة على الصعيد الوطني، الجهوي، الإقليمي و المحلي لعقود من الزمن في ميدان الطاقة فإن الأمر يتطلب من كل ذي اختصاص التدخل عاجلا لوضع حد للحالة الاجتماعية المأساوية التي تجر هؤلاء العمال بالمخاطرة في آبار الموت بحثا عن لقمة العيش و خرق القوانين الخاصة باستغلال هذه الآبار التي كانت السبب في إزهاق العديد من أرواح أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم فضلوا البحث عن لقمة عيش عائلاتهم بهذه الطريقة أو العمل على تأمين حياة العمال و تنظيم عملهم بهذا القطاع العشوائي الذي امتص جيوش العطالى بعد مأساة إغلاق المناجم المذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.