جاء الإعلان عن القائمة الطويلة لبوكر الرواية العربية (2015)، ليعيد إلى الكم المتعارف عليه موقعه ومكانته (تقلص في دورة سابقة إلى 13)، وأرمي إلى قائمة (16) روائيا عربيا. والواقع أن نتائج الدورة الثامنة تثير العديد من الملاحظات والأسئلة التي يجدر استحضارها بالرأي والنقاش، علما بأن المسافة الزمنية التي تفصلنا عن القائمة القصيرة لا تتجاوز أسبوعين، إذ سيتحقق الإعلان عنها في 13 فبراير ضمن الدورة الجديدة للمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء. أما في 6 ماي فسيتم تحديد اسم الروائي الفائز ببوكر الرواية العربية عن العام 2015. على أن اللافت في سياق إعلان القائمة الطويلة، استمرارية تتويج الرواية المغربية، وهو الترسيخ الفعلي والجدي لممارسة الكتابة الروائية، الترسيخ المفتوح على التعدد والمنافسة، والممثل لدعوة مواصلة كتابة الإبداع الروائي. والواقع أن انتهاء كل من الروائيين محمد برادة وأحمد المديني للقائمة الطويلة، تكريم لمسارهما وفاعلية حضورهما ليس على مستوى الثقافة المغربية وحسب، وإنما العربية ككل. والأمل كل الأمل أن يتجدد بروز الاسمين معا ضمن القائمة القصيرة، خاصة أن لحظة الإعلان ستكون بالمغرب، وفي الدارالبيضاء بالذات. على أن ما يمكن ملاحظته عن النتائج المعلن عنها ضمن القائمة الطويلة: 1-الجدة: وتطالعنا بالأساس على مستوى اسمين روائيين لم يسبق تداولهما، مثلما أنهما لم يحققا تراكما إبداعيا يفسح إمكان تقييم تجربتهما في الكتابة وعلى الإبداع، وأرمي إلى الروائي السوداني حمور زيادة عن روايته «شوق الدراويش»، والكويتي عبد الله الحمادي عن روايته «لا تقصص رؤياك». 2- تكريس المكرس: ونجد من بين أسماء القائمة الطويلة روائيين سبق أن توجتهم القائمة القصيرة كالروائية السورية جنى فواز الحسن، واللبنانيين جبور الدويهي وأنطون الدويهي. وحالة تكريس المكرس طالعتنا مع الروائي التونسي الحبيب السالمي وتوجته القائمة القصيرة في دورتين مختلفتين. 3- وفي القائمة الطويلة تستوقفنا من الأسماء التي حظيت في السابق بالقائمة الطويلة دون المرور للقصيرة، ومنها الروائي المصري أشرف الخمايسي والسورية مهما حسن. إن الملاحظات السابقة تقتضي سن قوانين لهذه الجائزة، ذلك أن من الروائيين من ينجز نصا روائيا كل سنة، وهو ما يخول له إمكان الترشح بصفة شبه دائمة. ومن جانب آخر، فإن بعض الروائيين يتزامن صعوده إلى القائمة الطويلة أو القصيرة وحيازته جائزة أخرى معترف بها، وهي بالضبط حال ووضعية الروائي السوداني حمور زيادة، الذي ظفر بجائزة نجيب محفوظ عن السنة الجارية (2014). إذ من غير المستساغ حيازة جائزتين في السنة ذاتها، علما بتوافر كفاءات إبداعية روائية رسخت تقاليد الكتابة والإبداع الروائي. لقد جاءت جائزة بوكر الرواية العربية لتحرك آلية الإنتاج الروائي، وبالتالي تفعل مستوى التلقي والتداول، وفي هذا السياق لا مجال لتكريس الثابت من أسماء ووضعيات، وكأني بالأدب والثقافة العربية لا يمتلكان إمكانات التجديد والتجدد الدائمين. وفي الآن ذاته هي خطوة لتحريك بركة الكتاب العربي الآسنة، من منطلق أن تراجعات فظيعة تسم وضعية الكتاب العربي على مستوى الطبع والنشر، إذ لم يعد هذا الكتاب يعرف التداول الموسع إذا ما ألمحنا لتراجع وغياب أسواق عربية لعامل حركية الربيع العربي الفاشل. يبقى الأمل، كل الأمل، أن يتجدد تتويج الرواية المغربية للقائمة القصيرة، وفي شخص مبدعين رائدين: محمد برادة وأحمد المديني.