تشتكي مجموعة من الأمهات، القاطنات بحي قصبة الأمين، المحاذي لحي ليساسفة، من غياب فضاءات خضراء يلهو داخلها أطفالهن، في جو يضمن لهم التمتع بطفولتهم، على غرار باقي الأطفال. فالإقامات والعمارات السكنية زحفت على الفضاء الأخضر وحرمت الأطفال من متعة اللعب، وجعلتهم حبيسي غرف لا تتعدى بضعة أمتار، حيث تضطر الأمهات إلى احتجاز أبنائهن حرصا على سلامتهم، وخوفا عليهم من السيارات والعربات. أمينة، أم لطفلين، كانت من بين الأمهات اللواتي صرحن ل»المساء»، بمعاناتهن جراء غياب الفضاءات الخضراء التي تعد بمثابة متنفس للسكان والأطفال بشكل خاص، خصوصا وأن الحي سكني بالدرجة الأولى، ويعرف اكتظاظا بشريا مهولا، ولا يتوفر على أي فضاء أخضر يتنفس فيه الأطفال والسكان جراء الاختناق السكاني الذي يعانون منه. وعبرت نادية، أم لطفلين، هي وجارتها، الأم لثلاثة أطفال، عن معضلتهن مع انعدام الفضاءات الخضراء، أو أي مراكز ترفيه، في حي آهل بالسكان، ويعرف تركزا كبيرا للأطفال داخله، «الجو هنا مريع بالنسبة إلينا ولأطفالنا، فأن يبقى الأطفال حبيسي الغرف يوميا، ولا يغادرونها إلا للتوجه إلى المدارس الابتدائية أو رياض الأطفال، في غياب تام لفضاء يرفهون فيه عن النفس ويتمتعون بطفولتهم، سيخلق لا محالة مشاكل على مستوى نموهم الفكري والعقلي». وأكدت الأمهات اضطرارهن كل أيام الآحاد إلى أخذ أطفالهن إلى الغابات القريبة من العاصمة الاقتصادية لينعموا ببعض مرافق «الطفولة» التي تغيب في حيهم، كما أنهن لم تخفين المعاناة المادية التي يتكبدنها، جراء التنقل إلى حيث توجد الفضاءات الخضراء «أن أتنقل كل نهاية أسبوع إلى إحدى الغابات القريبة كغابة بوسكورة أو غابة الشلالات، أمر مرهق ومكلف ماديا، خصوصا بالنسبة إلى الأسر التي لا تتوفر على وسيلة نقل خاصة، لقد كان حريا بالجهات التي سهرت على إنجاز الحي السكني أن توفر لنا ولأطفالنا فضاء أخضر». وفي ظل غياب الفضاءات الخضراء، وفي ظل غياب لأي استراتيجية أو هيكلة تقضي بإنجاز ولو حديقة صغيرة تضم هؤلاء الأطفال الراغبين في التمتع بطفولتهم كغيرهم من الأطفال، لم تجد أمهات حي القصبة وأطفالهن من متنفس، سوى تجزئة قريبة جدا من الحي، لم تمسسها بعد بنايات السكن الاقتصادي التي زحفت على كل ما كان أخضر بهذا الحي، إذ في ظرف سنوات قليلة، تحول من أراض إلى بنايات سكنية متراص بعضها جنب بعض، كأنها تتكثل فيما بينها لتخنق السكان. وفاء لخليلي (صحافية متدربة)