"ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذه الأسباب أصبحت ليساسفة «قلعة» للإجرام
نشر في المساء يوم 25 - 01 - 2015

تشكل منطقة ليساسفة، الموجودة في المدخل الجنوبي للدار البيضاء على جنبات طريق الجديدة، والممتدة على مساحة تقدر ب 1500 هكتار، تجمعا سكانيا يضم في مكوناته خليطا غير متجانس من مختلف المدن والقبائل والدواوير؛ ساهم في تكونه وجود الحي الصناعي الذي يضم أكثر من 260 وحدة صناعية تشغل ما يفوق 20 ألف عامل، مما رفع من نسب الهجرة بكل أنواعها (القروية والحضرية)، مما جعل النمو الديموغرافي يعرف ارتفاعا قياسيا احتاجت معه المنطقة إلى إضافة تجمعات سكنية زحفت على 500 هكتار بالمنطقة ونواحيها.
ساهمت عدة مؤثرات في الرفع من تعداد النسمة في اليساسفة، إذ انتقلت من 45 ألفا سنة 2004 إلى 160 ألف نسمة تقريبا خلال 2011، والرقم مرشح للارتفاع في السنوات القليلة المقبلة، والدليل على هذا الانفجار السكاني أن أكثر من 30 تجزئة سكنية بليساسفة، ومعظمها مشاريع تصب في خانة السكن الاجتماعي، انتهت أو اقتربت نهاية الأشغال بها.
كل هذه التحولات لم تواكبها سياسة اجتماعية وتنموية للمساهمة في تأطير فئات عريضة من الأطفال والشباب، والتي ظلت عرضة للانحراف والتهميش، مما جعل بعض الصفات تلتصق باسم الحي من قبيل «انفكو الدار البيضاء» و«كولومبيا».. وغيرها من الصفات التي تدل على ارتفاع معدل الجريمة بهذا الحي الهامشي، كما اختار لها بعض الفاسدين اسم «الإمارات» لسهولة مراكمة الثروة بها عبر فرض الإتاوات على تجار المخدرات ومقاهي الشيشة والقمار.
«المساء» زارت المنطقة وعاشت طيلة 48 ساعة داخل أحيائها وفضاءاتها، كما انتقلت إلى أوكار الجريمة وقلاع تجار المخدرات وأقراص الهلوسة لتنقل لكم مشاهد من واقع حي أريد له أن يسلك طريق الانحراف.
جرائم في ضوء النهار
في ليساسفة، لا يكاد يمر يوم دون أن يسجل وقوع جرائم هنا وهناك، بل تطور الأمر في بعض الحالات لتسجيل اعتداءات وجرائم في واضحة النهار. وفي حديث مع عدد من الأمهات، اللواتي صادفتهن «المساء» بالقرب من ثانوية عبد الله بن مسعود برياض صوفيا، استرسلن بعفوية في سرد معاناة أبنائهن جراء ممارسات بعض المنحرفين الموجودين بشكل دائم بمحيط المؤسسة، وذكرت السيدة (م.ع) أن حالة الاغتصاب التي تعرضت له ابنة جارتها، منذ مدة ليست بالبعيدة، دفعتها للوقوف أمام الباب بشكل مستمر لانتظار ابنتها، وأضافت سيدة أخرى أن «بناتنا يعشن الرعب اليومي بسبب وجود تاجر مخدرات على مقربة من المدرسة وكل زبائنه يتربصن بالفتيات دون أي وجود أمني بالمنطقة». وأكدت السيدة نفسها أن مثل هذه الأحداث تتكرر بشكل يومي، ولولا الألطاف الإلهية لسمعنا عن حالة اغتصاب على رأس كل ساعة بهذا المكان المهجور.
وتزامنا مع الجولة التي قامت بها صحافية «المساء» خلال يومين كاملين همت مختلف الأحياء والمؤسسات التعليمية وبعض أوكار تجار المخدرات والمنحرفين، سمعنا عن حالة اعتداء تعرض لها محام بهيئة الدار البيضاء بالأرض المسماة ''الكلوطي» القريب من كاريان «الصوبيس»، إذ أكد أحد معارفه أنه تعرض لهجوم بالسلاح الأبيض من طرف أحد المنحرفين الذي كان يتخذ ذلك المكان وكرا له، وقد تسبب هذا الاعتداء للمحامي في جروح بالغة في رأسه استدعت 10 غرز لرتقها. كما تصادف وجودنا مع حالة سرقة بالنشل تعرض لها عسكري متقاعد لم يستطع أن يميز ملامح سارقيه لخفة أيديهم وسرعة تحركاتهم، وقد علمت «المساء» أن هؤلاء كانوا مدججين بأسلحة بيضاء مما استدعى تمشيط المنطقة دون التمكن من اعتقالهم.
وفي خضم البحث المستمر قصدنا حي ليساسفة 3، لنقف، عن كثب، على مشاهد الفوضى واللا أمن، فانطلاقا من الزنقة 3 التي يستوطنها شخص معاق يوزع «الكيف» مستغلا طفله لهذا الغرض، مرورا بالزنقتين 7و8 التي احتلتهما «الجبلية»، والساحة القريبة من المسجد التي تعد عنوان سيارة «الكراب»، صادفنا عددا من أصحاب المحلات الذين تعرضت محلاتهم للسرقة بالكسر دون أن تتمكن مصالح الأمن من اعتقال منفذيها المعروفين محليا والذين صدرت في حقهم مذكرات بحث وطنية، ويضيف حسن، صاحب محل تجاري: «في كل مرة أرى فيها هؤلاء أتساءل عن جدوى الشكاية التي وضعتها ودور مصالح الأمن ولماذا لم يتم اعتقالهم إلى حدود الساعة وفي بعض الحالات أفكر في أخذ حقي بيدي...».

مخدرات وأسلحة تحت الطاولة
لا شك أن المثل القائل «الإنسان ابن بيئته» ينطبق على عدد من القاصرين المنحرفين الذين يسجلون حضورهم اليومي أمام المؤسسات التعليمية، مدججين بأسلحتهم البيضاء في واضحة النهار أو يعمدون إلى إخفائها داخل حقائبهم المدرسية، كما ستلاحظ عددا كبيرا من هؤلاء وهم يتعقبون التلميذات مستعملين كلابهم الممنوعة قانونا (البيتبول)، كل هذه الأمور يمكن أن يعتبرها بعضنا عادية، لكن ما وقفنا عليه خلال زيارتنا لحي ليساسفة، التي دامت 48 ساعة، يسائل السلطات الأمنية بمنطقة الحي الحسني من خلال المشاهد والحقائق...
فهنا فقط يمكن أن تسمع عن شبكات تستغل براءة التلاميذ والتلميذات لترويج سموم قاتلة كمخدري «الشيرة» و«القرقوبي» داخل أسوار المؤسسات التعليمية، لتجد قاصرين يلجون المدارس بحقائب مليئة بكل تلك الممنوعات لترويجها بإيعاز من مافيا متخصصة في ترويج الأقراص المهلوسة اقتفت «المساء» أثرها لتصطدم بحقائق مثيرة، أولها أن رأس الشبكة ومتزعمها امرأة ملقبة ب«الجبلية» ليست سوى زوجة بارون مخدرات ما يزال خلف الأسوار ويدير عملياته من داخل السجن. وبخصوص هذا الملف، علمت «المساء» من مصادر محلية أن عددا من الآباء والأولياء عقدوا اجتماعا طارئا مع مديرة إحدى المؤسسات التعليمية دقوا من خلاله ناقوس الخطر حول الظاهرة التي تهدد سلامة أبنائهم ومستقبلهم، وتضيف المصادر نفسها أن الحال ما يزال على ما هو عليه منذ ذلك الحين دون أن تتخذ أي إجراءات أو تدابير وقائية.

دعارة
الدعارة بكل أشكالها من الأمور التي ما فتئ سكان المنطقة يستنكرونها، كلما سنحت لهم الفرصة، فلا تخلو اجتماعاتهم مع المسؤولين ولا مراسلاتهم وشكاياتهم من التنديد بالطريقة التي تتعامل معها مصالح الأمن تجاه هذه الظاهرة.
خلال وجودنا بليساسفة انتظرنا فقط دقائق بعد أن حل الليل لنشاهد عددا هائلا من بائعات الهوى يتسللن من الأزقة (7-8) بالقرب من محطة الحافلات في اتجاه موقف الشاحنات بجانب «حمام المحطة»، فهناك يجتمعن وتنطلق عمليات المساومة مع زبائنهن، على مرأى سيارات دوريات السلطات التي تجوب الشارع ذهابا وإيابا، وغير بعيد عن هناك خلف سور ملحقة ليساسفة مشهد مريع لامرأة تعرض ابنتها القاصر وتساوم شرفها مقابل المال، قيل لنا إنها اتخذت من ذلك المكان عنوانا لها والكل يعلم حقيقة وجودها هناك.
طرحنا الموضوع على بعض المتتبعين للشأن المحلي فكان جوابهم صادما، إذ أكدوا أن التساهل مع الدعارة قد تنتج عنه حالات حمل جراء علاقة غير شرعية ويكون مصير الجنين إما الإجهاض أو التشرد، إن ظل على قيد الحياة، أو قد تجده في إحدى حاويات النفايات حيث يتم التخلص منه، وفي هذا الشأن سجلت حالات عديدة جعلت السلطات الأمنية تفتح تحقيقا في الموضوع لمعرفة رأس الشبكة المتخصصة في الإجهاض التي تنشط بالمنطقة.
أمن غير كاف
يعتبر مشكل الأمن بليساسفة من أكثر الأمور المستهلكة إعلاميا، ورغم الإشارة المتكررة إلى ضعف الإمكانات البشرية واللوجستيكية للدائرة الأمنية 20 فإن الحال ما يزال على ما هو عليه، وما يزال عدد العناصر العاملة بهذه الدائرة يراوح مكانه، شأنه في ذلك شأن سيارة الأمن الموضوعة رهن إشارة هؤلاء، بالإضافة إلى كل تلك الأمور يظل الموقع الجغرافي الذي يقع فيه مقر الدائرة يشكل عائقا أمام تحقيق النجاعة والفعالية المطلوبتين خلال التدخلات الأمنية.
فمنطقة ليساسفة، التي تعد فضاء استقبال واستقرار عدد كبير ممن دفعتهم الهجرة، إما القروية أو من مدن أخرى إلى الاستقرار عند مدخل العاصمة الاقتصادية، تعد من أكبر النقط السوداء. وحسب مصدر أمني، فإن عناصر الشرطة تتلقى شكايات عديدة يستدعي بعضها الانتقال إلى مكان الحادث، لكن مع ما سبقت الإشارة إليه بخصوص الإمكانات البشرية واللوجسيتكية (سيارة واحدة) يجعل الأمر شبه مستحيل بحكم شساعة المنطقة وعدم القدرة على تغطية القطاع بأكمله، مما يعجل مطلب إنشاء دائرة أمنية وسط التجمعات السكنية الآهلة لتحقيق الوجود الأمني بالشكل المطلوب أمرا مستعجلا.
السكان يحتجون
لم تنفع احتجاجات السكان والاجتماعات المارطونية مع الجهات المسؤولة في تقليص نسب الإجرام والانحراف بليساسفة، إذ ما يزال تاجر المخدرات يتنقل بكل حرية، وقد حرّم على رجال الأمن الوصول إلى منطقته واضعا حدودا وهمية لا يجتازها إلا زبناؤه (بالقرب من دوار الذهيبية خلف رياض صوفيا)، وما تزال مافيا الاتجار في الأقراص المهلوسة تزاول نشاطها وبطرق متطورة جدا، كما أن مروج الخمور (الكراب) ما يزال يتجول بسيارته المليئة بقنينات الكحول دون حسيب أو رقيب، كل مظاهر التسيب التي يتزعمها أباطرة المخدرات بالمنطقة ظلت تقلق سكان المنطقة فاختلفت أساليب احتجاجهم. التقت «المساء» بعضهم ممن سلك كل الطرق ودق جميع الأبواب، وصادف وجودنا قيام بعض الفعاليات المدنية وعدد من السكان بتوقيع عرائض حول الوضع الأمني بليساسفة (تتوفر «المساء» على نسخ منها) آملين أن يصل صوتهم إلى أعلى سلطة في البلاد. كما حلت «المساء» برياض صوفيا حيث التقت عددا من الآباء والأولياء، الذين سبق لهم أن نظموا وقفة احتجاجية تطالب بتكثيف الحضور الأمني بهذا الحي وبمحيط المؤسسات التعليمية، على إثر حالة الاغتصاب التي تعرضت لها تلميذة في الرابعة عشرة من عمرها، ويقول (م.م): «لقد تلقينا وعودا من عميد الشرطة بليساسفة، لكن منذ ذلك الحين لم نلاحظ أي تغيير، ويضيف المتحدث نفسه أن هذا المسؤول حاول إسكات صوتنا وقتها، ومع إلحاحنا المستمر أصبحنا نسمع شعارهم الخالد «فوق طاقتك لا تلام» والسؤال هنا إن لم يستطع السكان ضمان الأمن لفلذات أكبادهم فكيف لهم أن يحسوا بالأمان داخل منازلهم.
منطقة حضرية..؟
يعتبر حي ليساسفة من المناطق الحضرية ويتم تصنيفه على هذا الأساس، لكن بالنظر إلى البنيات وبإلقاء نظرة سريعة على هذا الحي يتأكد أن المدنية لا تربطها أي علاقة به من الناحية العمرانية، فقط هو الاسم والانتماء إلى الميتروبول الحضري للدار البيضاء الذي أسقط ليساسفة من كل حساباته ومخططاته التنموية والاستعجالية، إذ هناك غياب لفضاءات عمومية (دور الشباب، مكتبات؛ مركبات ثقافية، مستوصف صحي...) من شأنها أن تسهم في تأطير وتوعية الأطفال والشباب وصقل مواهبهم وتحصينهم ضد الانحراف وتبعدهم من مغبة الانجراف إلى عالم الجريمة.
افتقار الحي إلى أبسط مقومات الحضارة والتمدن جعل منطقة ليساسفة تستحق نعتها بمنطقة حضرية مع وقف التنفيذ.
دار الشباب تعاني العزوف
دار الشباب المؤسسة الوحيدة الموجودة وسط التجمع السكني بليساسفة العليا، رغم الإصلاح المتكرر لبنياتها وتجهيزاتها تعرف عزوفا شبابيا يطرح العديد من الأسئلة التي جعلتنا ننتقل إلى قلب المؤسسة بحثا عن أجوبة لها، لنجد أن أغلب الجمعيات بها لا تهتم بالفئات الشابة بقدر ما تولي أهمية لأنشطة الأطفال الصغار، فقط هناك بعض الفرق المسرحية التي تحاول الإبداع في ظروف وصفها بعضهم بأنها مزرية وتفتقد لأي دعم رسمي، ليتساءل أحد المسرحيين الشباب «كيف لنا أن نؤطر شباب المنطقة ونحن ما زلنا نبحث عن حصة أو حصتين في الأسبوع للاشتغال بمواردنا الخاصة والبسيطة»، ويضيف «لتأطير فئة الشباب نحتاج إلى تكوين خاص وهو ما نفتقده، بالإضافة إلى كون النشاط داخل دار الشباب يلزمك بالعمل وفق برنامج زمني محدد وقصير جدا ( الثامنة والنصف تغلق المؤسسة أبوابها).
وفي حوار مع أحد رؤساء الجمعيات الناشطة بالمؤسسة، أكد أن المحيط الخارجي أصبح يؤثر على نشاط دار الشباب ويلزم الجمعيات بتسطير برامج تساير الموجة السائدة لاستقطاب أكبر عدد من المنخرطين مما ينعكس سلبا على تأطير هذه الفئات.
أغلب شبان المنطقة أصبحوا، اليوم، يفضلون مقهى المحطة المتخصصة في (الشيشة) بدل الاتجاه إلى دار الشباب، ومعروف أن هذه المقهى تشتغل خارج الإطار القانوني منذ مدة ورغم تدخل عناصر الأمن في كل مرة ما تزال تفتح أبوابها في وجه الشباب والقاصرين ذكورا وإناثا.
تكدس وأوبئة
عرفت المنطقة منذ مدة انفجارا سكانيا ساهم فيه قربها من الحي الصناعي، مما جعل الطلب على السكن يرتفع بوتيرة مطردة، ودفع أصحاب المنازل إلى إضافة طوابق غير قانونية شوهت الواجهة العمرانية للحي، فأضحت المنازل تضم ثلاثة أو أربعة طوابق يتم تقسيمها إلى غرف بغرض كرائها للعاملين بالحي الصناعي، مما ساهم في انتشار عدد من الأمراض المعدية جعلت المنطقة تحتل سنة 2010 الرتبة الأولى على مستوى المناطق الأكثر إصابة بمرض السل، بالإضافة إلى وجود أهم التجمعات السكانية على مقربة من أكبر سوق عشوائي بتراب البيضاء الذي ينتج ويخلف نسبة مهمة من النفايات التي تتحلل وسط الحي مما يساعد على الإصابة ببعض الأمراض الجلدية والتنفسية، خصوصا في صفوف الأطفال. ومع غياب مستوصف صحي بالمنطقة، فإن سكان الحي يظلون يعانون في صمت وجب معه التنبيه إلى احتمال وقوع كارثة بيئية إن لم تتدخل السلطات الصحية قريبا. وجدير بالذكر أن عددا من الجمعيات راسلت الجهات المسؤولة، بعد أن تبين أن هذا السوق أصبح وكرا للدعارة وتجارة المخدرات نظرا لصعوبة الولوج إليه ولعدم استطاعة المصالح الأمنية القيام بحملات ودوريات داخله.
مؤسسات سجنية تنتج المنحرفين
كل الأمور التي سبقت الإشارة إليها عن الإجرام والمجرمين وتجار المخدرات وأقراص الهلوسة، تؤدي لا محالة إلى خوض التجربة داخل المؤسسات السجنية، فإلى أي حد تساهم هذه المؤسسات في تهذيب السجناء؟ وما هي ضمانات إعادة الإدماج داخل المجتمع ؟
لا شك أن الكل يعلم أن مؤسسات الإصلاح السجنية التي كان من المفترض فيها أن تساهم في تهذيب السجناء أصبحت من بين أكثر الفضاءات لإعادة إنتاج للإجرام، وبميزة جيد جدا ومجرم محترف، نظرا لغياب رؤية واضحة وسياسة سجنية معقلنة، كما أن الشعارات التي يتم رفعها حول إعادة إدماج السجناء تذهب أدراج الرياح بمجرد وصول المجرم إلى محيطه، لهذا أصبح من الملح جدا اعتماد عقوبات بديلة تساهم في تأهيل الفرد داخل الجماعة بعد توفير البنيات الفضاءات الأساسية للتأطير والتأهيل الاجتماعي.
أوكار الإجرام والمخدرات
بنايات مهجورة في كل من ليساسفة 1، كهوف الملعب البلدي وليساسفة العليا قرب إعدادية أبي القاسم الزياني وارض الكلوطي- الصوبيس، دوار الذهيبية بالإضافة إلى معقل الجبلية بليساسفة 3 بلوك أوه، وبناية خلف مؤسسة خالد بن الوليد كانت مخصصة للسكن الوظيفي هجره المدير خوفا من الاعتداءات المتكررة ليستوطنه المنحرفون وذوي السوابق، المركز الصحي ليساسفة 2 سابقا وبناية بيع الأجور (الكلصة) بليساسفة 3 كلها بنايات وأماكن زارتها «المساء» تعرف بكونها معاقل الإجرام والانحراف بالمنطقة.
رجل أمن مزور
يدعى (س،..) يتحرك في الأوساط المشبوهة، يبتز ويهدد شباب المنطقة، من بين الأسماء التي تم تداولها بشكل كبير وخلفت تذمرا وسط الفعاليات وسكان المنطقة بسبب كونه يعمد إلى تقديم معلومات مغلوطة لمصالح الأمن الذي تعتبره مصدرا للمعلومة بالمنطقة، دائم الشرب للخمر التي يحصل عليها مجانا لقاء تستره على «كراب» المنطقة.
حالة اغتصاب
قبل انفجار ظاهرة الهجوم على المؤسسات التعليمية بليساسفة، سجلت حالة اغتصاب تعرضت لها فتاة في ال 14 من عمرها كانت تهم بمغادرة مؤسستها التعليمية، الغريب أن مصالح الأمن بالحي الحسني رفضت الانتقال إلى مكان الحادث بدعوى أنه خارج نفوذها الترابي لولا تدخل بعض الفعاليات الحقوقية.
شاري السوق
هي عبارة يتداولها أباطرة المخدرات والمشروبات الكحولية، وتعني أن هؤلاء يقدمون إتاوات و»الباكية» مقابل اشتغالهم بتراب ليساسفة ولم يتسن ل»المساء» تحديد الجهة التي تتوصل بهذه الإكراميات ليظل السؤال معلقا إلى حين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.