واحدة من أغرب قضايا تنفيذ الأحكام، تلك التي تعيش تفاصيلها العمارة رقم 45 بشارع محمد بن عبد الله بطنجة، حيث إن نزاعا بين السكان حول مسكن الحارس، والذي حسمه القضاء ابتدائيا واستئنافيا بإزالة الجدار محل النزاع، وُوجه من طرف المنفِّذ بعكس ما جاء به منطوق الحكم، إذ أجبر المدعى عليهما على تشييد جدار كما حرر ضدهما محضر امتناع عند رفضهما لذلك. وكان نزاع قد نشأ بين شخص يدعى رشيد النادي وشقيقه من جهة، اللذين يملكان محلا تجاريا ومسكنا بين طابقين «سدة»، وبين مجموعة من السكان من جهة أخرى، حول مسكن حارس متنازع على وجوده في التصاميم الرسمية، إذ تبين أنه موجود في تصميم المحافظة العقارية على عكس تصميم المجلس البلدي. ورغم أن هذا الاختلاف الغامض لم يحسم فيه بعد، حيث إن لجنة ضمت ممثلا عن ولاية طنجة وممثلا عن الجماعة الحضرية لطنجة، كانت قد وقفت على هذه المشكلة مؤخرا، إلا أن النزاع انتقل إلى المحكمة، التي حكمت ابتدائيا بهدم الجدار الفاصل بين مسكن المدعى عليه ومسكن الحارس، ثم حكمت استئنافيا بإزالة الجدار، وتتوفر «المساء» على نسخ من كلا الحكمين. غير أن المدعى عليه فوجئ بمراسلة من مفوض قضائي يخبره فيها بأنه سيأتي إلى عين المكان بغرض تحديد الجزء موضوع الدعوى على أرض الواقع طبقا للحكم ليتمكن المنفذ عليهما من «تشييد الجدار الفاصل» بينهما وبين المنفذ لهم، وهو ما يعني قلب منطوق الحكم رأسا على عقب. وأكثر من ذلك، فإن المفوض القضائي واجه رفض الشقيقين تشييد الجدار وإصرارهما على تنفيذ منطوق الحكم لا عكسه، بتحرير محضر امتناع عن التنفيذ، الأمر الذي ترتب عليه دخولهما تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 400 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ. وأمام إصرار المفوض القضائي على موقفه بعث المنفذ عليهما مراسلة إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بطنجة، الذي رد عليها كتابيا بأن مأمور التنفيذ بالمحكمة الابتدائية عليه أن يتقيد بالتنفيذ وفق منطوق الحكم دون تجاوز مقتضياته، وهو الجواب الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، لكن هذا الجواب، أيضا، لم يكن ليثني المفوض القضائي، حسب المنفذ عليهما، من الإصرار على موقفه واعتبارهما ممتنعين عن التنفيذ.