في رد فعله على احتجاج فرق المعارضة على غياب عشرة وزراء عن جلسة الأربعاء الماضي المخصصة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، حث الوزير الأول عباس الفاسي أعضاء حكومته، في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد أول أمس الخميس، على الحضور الدائم لأشغال البرلمان، مع ما يقتضيه ذلك من ملاءمة أجندة الأنشطة الحكومية الأسبوعية مع متطلبات المواكبة لأشغال المؤسسة التشريعية. رد فعل الوزير الأول عباس الفاسي يأتي في الوقت الذي ازداد فيه انتقاد المعارضة للغيابات المتكررة لأعضاء الحكومة عن جلسات غرفتي البرلمان، ما يعكس، حسب سياسيين، أن عدوى عدم الحضور بالمؤسسة التشريعية، لم تعد تقتصر على نواب الأمة، بل امتدت لتطال أعضاء الحكومة أيضا. واعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس الفريق البرلماني بالغرفة الأولى مصطفى الرميد، أن «قيام الوزير الأول بتذكير أعضاء حكومته بواجباتهم دعوة محمودة لكنها تؤكد، في الوقت ذاته، أن غياب الحكومة عن جلسات البرلمان هو غياب فعلي وليس محض ادعاء، وزاد الرميد قائلا، «كنا وما زلنا نستنكر هذا الغياب مرارا، وآخر احتجاج لنا كان يوم الأربعاء الماضي، حينما طالبنا بنقطة نظام كاحتجاج على الغياب الملحوظ لأعضاء الحكومة، مؤكدا في ما يشبه التهكم، أن «الحاضر كان هو الغياب بينما الحكومة كانت غائبة». وأضاف الرميد في تعليقه على الغياب المتكرر للوزراء، عن جلسات المؤسسة التشريعية واجتماعات اللجان، أن «هذا المشهد السريالي ليس شاذا، بل أصبح من عادات الوزراء الحاليين»، محملا الوزير الأول المسؤولية في ذلك. وأضاف الرميد في حديثه إلى«المساء»، «أن الوزير الأول هو الآخر لا يقوم بواجباته ديمقراطيا ولا يحضر بشكل دوري للإجابة عن أسئلة النواب، لذلك فمن الطبيعي أن يسير باقي وزراء حكومته على منواله، حيث لا يرون فيه القدوة في المواظبة على الحضور إلى البرلمان». ووفقا للرميد، فإن تغيب الفاسي عن جلسات البرلمان، وعدم حضوره للرد على أسئلة النواب، كما درج على ذلك رؤساء الحكومات السابقة، يظهر إلى أية درجة تصل الاستهانة بالمؤسسة التشريعية، واصفا المشهد بأنه «وضع غير ديمقراطي»، أن تتعامل الحكومة بهذه الطريقة مع المؤسسة التشريعية، وهو الوضع الذي يعكس حجم الاختلالات في المؤسسات القائمة في البلاد»، يخلص الرميد. في سياق ذلك اعتبر خالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، في اتصال مع «المساء»، أن تذكير الوزير الأول لباقي أعضاء الحكومة، يدخل ضمن اختصاصاته الدستورية في إطار السير العادي للحكومة، مشيرا إلى أن الانتقادات الموجهة للحكومة ليست صادرة عن هذا الحزب أو ذاك، في إشارة إلى احتجاج حزب العدالة والتنمية الأخير بمجلس النواب، بل إن ذلك تقوم به كذلك أحزاب أخرى من المعارضة والأغلبية، والمسألة طبيعية وتدخل في إطار عمل المؤسسة التشريعية. وأضاف الناصري، أنه مقابل ما يسجله النواب من ملاحظات عن غياب أعضاء الحكومة، تسجل الحكومة أيضا نفس الملاحظات إزاء النواب، حيث لا يريد بعض هؤلاء أحيانا طرح أسئلتهم في حضور وزراء قدموا للاستماع إليهم، والمبرر هو عدم وجود بث تلفزيوني حسب رأيهم، يقول الناصري الذي خلص إلى ضرورة وجود تعاون بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية. ويرى الأستاذ الباحث في العلوم السياسية منار السليمي، أنه يجب إعادة النظر في طريقة طرح الأسئلة بغرفتي النواب، والتي اعتبرها أسئلة عامة وغير تقنية، ما يجعل الأجوبة عنها هي الأخرى تدخل ضمن العموميات، وهو ما يراه بعض الوزراء غير ضروري أحيانا للحضور إلى المؤسسة التشريعية لتقديم إجابة عنها، وفي أقصى الحالات يكلف زميلا ليرد بالنيابة عنه أو يتم تأجيل تلك الإجابة، وهو ما يطرح إشكالا آخر، داعيا إلى إعادة النظر في الحيز الزمني أيضا لطرح الأسئلة، والذي يستغرق سبع ساعات مناصفة بين الغرفتين، وهو ما يعتبر مرهقا بالنسبة للسائل والمجيب على حد سواء. وختم السليمي الذي كان يتحدث إلى «المساء»، بالقول إن غياب أعضاء الحكومة عن البرلمان، يؤثر سلبا على آلية طرح السؤال كوسيلة لمراقبة عمل الحكومة، وهو ما يؤثر على العلاقة بين كل من المؤسستين التشريعية والتنفيذية، مؤكدا أن طبيعة إعداد الأجوبة، هي الأخرى ينبغي أن تكون من اختصاص خلايا وزارية، لا أن يعدها موظفون عامون تابعون لهذا الوزير أو ذاك، لأن من شأن التحضير تقنيا للأسئلة أن يجعل حضور الوزير إلى المؤسسة التشريعية أمرا ضروريا، وهو ما قد يساهم في التقليل من ظاهرة الغياب والنفور عن الحضور إلى البرلمان من طرف الوزارء.