ارتدى عمدة فاس، الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، في سابقة من نوعها في تاريخ هذا الحزب، البرنص واللباس التقليدي الأمازيغي، وهو يترأس احتفالات رأس السنة الأمازيغية الجديدة، أول أمس الثلاثاء، بمنطقة أجدير، قلعة المقاومة المسلحة، بضواحي خنيفرة. وقرر شباط، في سابقة أخرى من نوعها، إعلان رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة في جميع مؤسسات حزب الاستقلال، كما لم يحضر فريقه البرلماني أشغال جلسة مساءلة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في مجلس النواب، احتفالا برأس السنة الأمازيغية. وكانت منطقة أجدير بالأطلس المتوسط قد سبق لها، في 17 أكتوبر 2001، أن احتضنت أكبر حدث تاريخي في مجال إعادة الاعتبار للثقافة الأمازيغية، حيث أعلن فيها الملك محمد السادس عن قرار إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بحضور مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجمعوية في المغرب، واعتبرها، في قرار تاريخي، مكونا ثقافيا مهما من مكونات الهوية الوطنية، وقال إن النهوض بها مسؤولية وطنية. وشكل هذا الخطاب منعطفا تاريخيا في مسار الاعتراف بأمازيغية المغرب، قبل أن يقر الدستور الجديد للمملكة بالأمازيغية كلغة رسمية، إلى جانب اللغة العربية. شباط الذي يتحدر من نواحي تازة، وبالتحديد من قبيلة «البرانس» ذات الأصول الأمازيغية بنواحي تازة، عاد إلى قلعة أجدير، التي تعتبر من أبرز قلاع المقاومة وجيش التحرير في مغرب محاربة الاستعمار بالسلاح، والصعود إلى الجبال، ليصالح حزب الاستقلال بالحركة الأمازيغية، بعد مسار حافل بالعداء والتباعد بين الطرفين، حيث إن الحركة الأمازيغية، التي تعتبر نفسها استمرارية ثقافية لحركة المقاومة في الجبال، ظلت تنظر إلى حزب الاستقلال باعتباره حزبا مثّل نخبة الحركة الوطنية في المدن الكبرى، وعلى رأسها نخبة مدينة فاس، ودافع عن مصالحها، دون أن يبالي بمصالح «المغرب العميق»، وكرس لخطاب سلفي محافظ، مختلط بتوجه قومي، وظل ينظر إلى الأمازيغية بأنها عامل فرقة وتقسيم، بعدما روج هذا الخطاب بكثافة لما يقدم على أنه أسطورة «الظهير البربري». وعمد شباط وهو يتولى إدارة تحرير جريدة «العلم»، التي ظلت تسوق لهذا «الخطاب الإقصائي»، حسب أدبيات الحركة الأمازيغية، إلى تخصيص صفحات مهتمة بالأمازيغية في هذا المنبر الحزبي، وقرئ القرار على أنه «تحول جذري» في قلعة حزب الاستقلال الإعلامية، قبل أن يصدر زعيم الاستقلاليين الجديد بلاغات وتصريحات يطالب فيها بإعلان رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، وهو ما تطالب به الحركة الأمازيغية منذ سنوات. وليكون شباط عمليا، في هذه الدعوة التي تحرج حزب العدالة والتنمية، الذي يسوق لنفس الخطاب المحافظ، أقر رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة في جل القطاعات والمؤسسات التابعة لحزب الاستقلال، وتوجه نحو قلعة أجدير ليعلن عن مصالحة حزب علال الفاسي مع الأمازيغية. وقال شباط وهو يترأس هذه الاحتفالات إن حزب الاستقلال طالب الحكومة بالعمل من أجل جعل يوم 13 يناير الذي يصادف الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة يوما وطنيا يعطل فيه العمل في مختلف المرافق العمومية، إلا أن الحكومة تجاهلت هذا المطلب، مبرزا أن هذه السنة ستكون حاسمة بخصوص هذا المطلب.