أدت محاولات لإخلاء المئات من سكان منطقة المنار، في الطريق الساحلية بين طنجة وسبتة، إلى احتجاج السكان الذين يطالبون السلطات بوقف عملية الإجلاء ويدلون بحجج تثبت ملكيتهم للأراضي منذ عدة أجيال. ويقول السكان إن أراضيهم، التي يراد منهم النزوح عنها، سيتم تسليمها إلى مؤسسة استثمار خليجية بغرض إقامة مجمعات سكنية وسياحية على مضيق جبل طارق، في الوقت الذي يدلون بكافة وثائق التحفيظ التي تثبت أن تلك الأراضي لا يحق بشأنها ما يصطلح على تسميته ب«نزع الملكية من أجل المصلحة العامة». وتساءل سكان المنطقة، المعروفة باسم «جبل سرسور – دوار الجبيّلْ المنار»، كيف يتم تشريدهم من أراضيهم من أجل إقامة مشروع تجاري مربح، في الوقت الذي يسمى هذا المشروع «مصلحة عامة». ويتجمع مئات من سكان المنطقة كل صباح على حدود مدشرهم من أجل ما يقولون إنه «حماية لأنفسهم وأسرهم من التشرد». وكانت سلطات طنجة حاولت قبل حوالي أسبوعين طرد السكان بالقوة عبر حشد عدد كبير من القوات العمومية المدججة بالأسلحة والهراوات، في الوقت الذي تحدى السكان تحرك السلطات وأعلنوا أنهم لن يتخلوا عن منطقتهم. وحسب مصدر مطلع في المدينة، فإن تحرك سلطات طنجة بهذه الطريقة يهدف إلى نزع أراضي السكان بأسرع وقت ممكن، من أجل إعادة تسليمها إلى مستثمرين خواص يهدفون إلى جني أرباح كبيرة من وراء مشروعهم. وشكك المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن يكون المستثمرون الخليجيون ينوون إقامة مشروعهم في وقت قريب، مضيفا أنه من المحتمل جدا أن يكونوا تراجعوا عن ذلك بسبب الأزمة المالية العالمية. غير أن الشكوك التي تحوم حول المشروع السياحي في منطقة المنار لم تمنع سلطات المدينة من المضي قدما في عملية طرد السكان الذين قالوا إنهم تلقوا «تهديدات واضحة» من أشخاص لم يذكروهم بالاسم، وأن هذه التهديدات تقول بالحرف: «إذا رفضتم الرحيل التلقائي عن أراضيكم فسيتم ترحيلكم قسرا». وفي رسالة موجهة إلى عامل فحص – أنجرة، قال سكان المنار إن أفراد الدرك والقوات العمومية والقياد وكل أفراد السلطة، مع مسؤولين من مؤسسة «العمران»، يهددونهم باستمرار من أجل ترحيلهم عن أراضيهم. وقالت الرسالة إن السكان يعتمدون في حياتهم اليومية على الزراعة والرعي، وأن ظروفهم الحياتية مزرية. وأشار السكان إلى أن أفراد السلطة ومسؤولي «العمران» وعدوهم بنقلهم إلى منطقة أخرى من دون أن يحددوا مكان وطبيعة تلك المنطقة، وهو ما جعلهم يتخوفون من وقوعهم في عملية احتيال تقضي بانتزاع أراضيهم وتشريدهم بعد ذلك، وهو ما حدث من قبل لعدد من القرى والمداشر في المنطقة. غير أن رسائلهم الموجهة إلى عمالة فحص أنجرة لم تلق ردا، بل استمر الضغط عليهم من أجل ترحيلهم عن أراضيهم، بدفع مباشر من هذه العمالة، التي يقوم مسؤولوها وموظفوها بمهمة وساطة فقط، حيث إن العامل يجتمع شخصيا مع المهددين بالترحيل في عدد من المناطق ويطلب منهم الرحيل بنبرة تحمل التهديد والوعيد، حسب شهادات عدد من السكان. سكان المنار وجهوا أيضا رسالة إلى وزير العدل، وصفوا فيها ما يجري في منطقتهم بأنه احتيال واضح من جانب عدد من أفراد السلطة، وأشاروا إلى أن المضايقات ضدهم بدأت منذ يوليوز 2007، حين زارهم قياد بدعوى مد المنطقة بالكهرباء والماء الصالح للشرب، لكن تبين فيما بعد أن العملية تهدف إلى جس نبضهم من أجل ترحيلهم عن أراضيهم. ولا تزال توجد قرب منطقة المنار العشرات من الأعمدة الخشبية التي كانت معدة لمد المنطقة بالأسلاك الكهربائية، غير أنها بقيت في مكانها عرضة للتلف، وبعد أن كان السكان ينتظرون مدهم بالكهرباء، أصبحوا يدافعون عن حقهم في البقاء في أراضيهم. وتضيف الرسالة الموجهة إلى وزير العدل أنه في الوقت الذي يجري الحديث عن تراجع المستثمرين الخليجيين عن إقامة مشروعهم في المنطقة، فإن مسؤولي المدينة يخوضون سباقا ضد الزمن من أجل ترحيلهم عن أراضيهم، وهو ما يعني أن الهدف هو الاستيلاء على الأرض ثم إعادة التصرف فيها بأي شكل من الأشكال مع مستثمرين آخرين.